أغثْ مسجما فالدمع قد جف ًّساكبُهْ وغارتْ على طول الزمان مشاربُهْ
إذا كان لايرضيكَ إلا انهمارهُ فجُدْ لي بمزن لا تغيض سحائبُهْ
وسخّرْ ليَ البحر الخضمَّ لعلني بذاك أوَفّي اليوم ما أنت َطالبُهْ
فلا كان دمعٌ لم يكن ْ لك فيضُهُ ولا كان عمرٌ لم ترُقْكَ أطايبُهْ
فدتْك عيون أنت فيها ضياؤها فداك فؤاد أنت فيه حبائبهْ
فدتك رياض أنت نضرة وردها فداك فضاء أنت فيه كواكبُهْ
بكيتك في جدب القفار فأينعتْ بكل اخضرار للربيع سباسبُهْ
ولما استحال الدمع في العين قطعةً من الصخر أرسلتُ الدماء تواكبُهْ
فهل من سبيل والبطاح كأنها رماد سفتْه الريح فاهتاج راسبُهْ
وهل من سبيل يوصل القلب مرةً إليك فتأبى العودَ عنك كتائبهْ
وأيُّ رجوع عن حياضك يُرتجى إذا كان أصل الحسن منك مراتبُهْ
وما عاد عنك القلب إلا لأنه على قربه لم يُدرك الشطَّ قاربُهْ
فأدركْ ذليلا عند بابك واقفاً تكشف عنه الشوق والذنب حاجبُهْ
ينوح الليالي كالفصيل تقطّعتْ به السبْل حتى ناءَ بالهمّ غاربُهْ
ولوشئتَ تعذيبي احتراقاً فإنما تعذب قلبا فيك حُدَّتْ رغائبهْ
وما حالَ ذنب بين حِبٍ وحِبهِ إذا لم يزلْ ود الحبيب يجاذبهْ
فكيف ولي في الحب أيام صبوةٍ جلتْ لي الهوى حتى استقلتْ مراكبهْ
وما زلتُ أذكر في الشُّبيكة مربعا به أُنس قلبي لم تُجذَّ تجاربُهْ
وعند مُقامي في المَقام تلفّتٌ لعل حبيبي تصطفيني مآدبهْ
وكم بين نعمان الأراك ولعلعٍ سريتُ ومابي غير شوق أصاحبُهْ
ويا لليالي الخيف لو عاد وصلها فيشفى عليل جرّح الخدَّ ناحبهْ
وكم بات في التنعيم والصحب هجّعٌ يقيم الليالي قلب صب وقالبُهْ
إذا البعد أقصى الجسم عن درك قربه فقلبي أناخت في الحجون ركائبُهْ
وما ضرّبُعدٌ والفؤاد تعلقت بزمزم والبيت الحرام مآربُهْ
وفي الحِجر خامرتُ الصبابة والهاً وما زال فيْحاً لم تُضيّقْ مراحبُهْ
وعند استلام الركن أرسلت أدمعي توافي حبيب الروح ما الشوق كاتبهْ
وبتّ قريرالعين في مدرج الصفا ووارد حبي يحمدُ البدءَ عاقبُهْ
وكم تنجلي الأكدارفي شِعْب عامر وتنزاح عن قلب المُعنّى مصائبُهْ
وماشاقني ذكر الأحبة مرةً كما شاق روحي في المُحصّب ناصبهْ
أيا صاحِ عذرا لو أطلتُ تأوّهي فشغلي بحبي لا تُحدُّ مذاهبُهْ
وأنت جدير أن تسامح مذنبا على باب مولاه استطالت معاتبهْ









