قــــــــلم
~~~~~~~~~~~~~~
ضجت القاعة بالتصفيق وعبارات الإعجاب مع آخر كلمات في أمسيتها الشعرية ، كانت عيناها تجول باحثة عنه في وجوه المدعوين ، وهي ترسم ابتسامة تخشى أن تسقط عن ثغرها ، وقفت خلف طاولة مزينة بورود صفراء عليها رزمة من كتابها تخط كلمات إهداء سريعة لتقدم نسخا للمهنئين وهي تصافحهم بيد وجلة خجلة لا تكاد تمتد حتى تنسحب لتتوارى خلف اليد الأخرى .
وهي تحكم غطاء القلم المتشبث بيدها تنظر إليه كأنها تقبله بعينيها ، لتلثم المداد النازف من ريشته كنزف قلبها الذي أضناه الشوق والحنين تنهدت بحرقة ، وضعته في حقيبة يدها وهي تستعد لمغادرة المكان لحفل العشاء المقام احتفاء بها وبديوانها النثري الأول ، سارت بخطوات بطيئة رشيقة تنم عن دلال أنثوي متجهة إلى قاعة التشريفات حيث كانت تنتظرها الجموع المحتفية بها .
بين ابتسامات الوجوه ونظرات العيون كانت تضطرب نفسها ، تجيب على التهاني بكلمات مقتضبة مختصرة حتى لا تسقط في دائرة نظرات من يتحدث إليها فيكتشف ما تخفيه من خلجات ألم تحت قناع العضلات المشدودة في الوجه .
تمنت لو أنه هنا يشاركها مولد الحلم الذي ابتدأ بأول كلمة خُطت بذاك القلم الذي أهداه لها يوما وهما يرسمان الأماني لشق الطريق في مستقبل حياة تجمعهما .
ليت هذه الساعات تنتهي لتفر من النظرات والمجاملات إلى عالمها المسكون بذكريات الأمس لفتطلق العنان لدمعات تكاد تفر من أحداق البستها ثوب الجمود ، لآهة خلف الضلوع مزقت منها الحشا وهي تنتظر قدومه مع كل نبضة تحرك عقارب الساعة إلى اقتراب موعد انتهاء الحفل المقام لقتل صبرها وتجلدها .
عادت بتيه المشاعر وانقباض القلب بحزنه الموشى باليأس ، تحدث نفسها بوحدتها وهي تكابر الدمع والألم وتتحدى انهيار جدار الكبرياء بداخلها ، ليتني لم أرسل له تلك الدعوة فأتيح له فرصة طعن كبريائي بتجاهله .
فتحت حقيبة يدها .. أخرجت القلم .. القته في درج المكتب تدفنه تحت أوراق الماضي المكتوبة بأشواق كانت يوما .
أخرجت قلما جديدا .. شرعت تكتب ..
رغم ظلمة الحزن .. يتسرب شعاع يضيء بقعة فرح داخل النفس ..
أهدي كلماتي هذه إلى ..
من أدخل بسمة فرح إلى نفسي في حلكة ليل اليأس .
حين أهداني قلما أشق به دربا جديدا في الحياة..







رد مع اقتباس
https://www.youtube.com/watch?v=FLCSphvKzpM