ورديـــــات "1" .. (( حديث النفس))

الســــلام عليكم و رحمة الله و بركاتـــــه


أحبتـــــي الكــــــرام

سوف أبدأ معكم سلسلة بعنوان (( ورديات )) ، و أتمنى أن تحوز على البعض من بعض استحسانكم

ورديـــــات "1"


" من رسائل الشكوى" *


كتب الأمير أبو الفضل الميكالي المتوفى سنة 436 هـ :

إنما أشكو إليك زمناً سلَب ضِعف ما وهب ، وفَجّع بأكثر من ما متّع ، وأوحَش فوق ما آنس ، وعنف في نزع ما ألبس ، فإنّه لم يذقنا حلاوة الاجتماع حتى جرَّعنا مرارة الفراق ، ولم يُمتعنا بأُنس الالتقاء ، حتى غادرنا رهن التلف ، و الاشتياق .

( والحمدلله تعالى على كل حال ) يَسُوء و يَسُر ، و يحلو و يمرّ ، ولا أيأس من روح الله في إباحة صنع يجعل رَبعه مُناخي ، و يقصر مدة البعاد و التراخي ، فألاحظ الزمان بعينِ راضٍ ، ويقبل إليَّ حظي بعد إعراض ، و أستأنف بعزته عيشاً عذبَ المواردِ و المناهلِ ، مأمونَ الآفات و الغوائل .


" حديث النفس " **

يـا نفــــس كـم كانـت الأفــراح تغـــــمرك ِ بيـن الخيـــالات و الأطيــــــاف و الفــــكر ِ إذ كـــــنت تبنين بالأوهــــام حالـــــــمة ً قصراً مـن المـاس بالعلــــــــياء كــــالدُرر ِ واليوم خــيل النـــــوى دكـّت حوافـــــرهـا عـظـم الأمـــاني ولـم يبـــق سـوى الكـســر ِ مــــاتــت أمــــانيكِ في بيــــداءِ واقــعها والحُـلـْــمُ بــعـد الصـــفى ينــــزاحُ للــكدر ِ ضـاقــت بـكِ " الا " فــلا تستسلمـي جــزعــاً فالصــــبر مـا زال سيـفـاً في يــدِ البــشــر ِ وهــمِّ يـا نــفسُ فالأشـــــجار مــا رُميــت نَبْـلا ً وبالصـــــخر لولا وفـــــرة ُ الثمــــر ِ آمنتِ بالله مُنـــــجي العـــــبد مـن كُرَب ٍ فــــاليــوم أرْضَي بـما قـد كـان فـي القـــدر

تقبلوا خالص تحياتي


أخــــوكــــم

الــــورد


________________

(*) جواهر الأدب : 1/143.
(**) بقلم الـــورد
روح الله = رحمة الله
صنع = صنيع : معروف ،، الربع = الدار
الغوائل = الدواهي

جميل جدا اخي الشاعر الورديّ

وهمِّ يا نفسُ فالأشجار مـا رُميـت نَبْلا ً وبالصخر لولا وفرة ُ الثمـر

صدقت واحسنت

ذكرني ببيت قلته سابقا

وكن معَ كل الناس غصناً ثمارُه تَساقطُ إن هالوا عليه بضاربِ

لي ملاحظة بسيطة ان سمحت لي

واليوم خيل النوى دكّـت حوافرهـا عظم الأماني ولم يبق سوى الكسـر

صورة جميلة جدا هنا

سؤالي عن اشباع "القاف" في "يبق" أعتقد انه لا يجوز

ما رأيك ايها الكريم؟وما رأيك في(وما أبقت سوى الكسر)؟

بانتظار الوردة التالية

تحياتي وإعجابي

المخلص

إبن بيسان

الســـلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــه


الأستـــــاذ ابن بيســــان


الشكر لكم يا سيدي على هذه المرور الجميل

بالنسبة لملحوظتكم فلم أشبع القاف إنما أدخلت الطي على مستفعلن لتصبح مُفْتَعِلن ، وهو جائز على حد علمي و إن كان وروده في عجز البسيط قليلا

وعلى أي حالٍ فإن اقتراحكم جميل و مناسب

تقبل خالص تحياتي و امتناني


ولا عدمتك أيها الكريم


أخـــــوك

الـــورد

عبقة وردتك يا ورد

توقفت عند البيت الذي أدرجه الأستاذ ابن بيسان لأتساءل

لماذا لم تشبع الياء في همِّي ؟

ثم الشطر :

ضاقت بكِ " الا " فلا تستسلمي جزعاً

ضاقت بكي (ال) فلا تستسلمي جزعا

الالف في (الا) أراها أخلت بالوزن

ولكني استغربت إذ لم يعلق عليها الأستاذ فهل التبس علي

أفيدوها رحمكم الله

الفاضلة الشاعرة

نهى

ضاقت بكِ " الا " فلا تستسلمي جزعاً
فالصبر ما زال سيفاً في يدِ البشـر ِ

ضاقت بكِ إلّا = هنا وُصلت الهمزة بِ"إلا" جوازاً

فصارت ضاقت "بِكِلّا" ولا غبار على الوزن.

اما بالنسبة لخطف الميم بِ"همّ"

فانتظر رأي الشاعر فيها.

تحياتي

المخلص

ابن بيسان

أحسنت أستاذ ابن بيسان

نعم كلامك صحيح

أنتظر الأخ ورد

أخي الحبيب الشعر الورد:

أسلوب جديد ومشوق ومقطوعة شعرية جميلة.


أوافق ابن بيسان فيما قدم وأضيف إليه:

أشبعت في عروض البيت الأول الكاف دون أن تكون تصريعاً ولا أجد ذلك مسوغاً.

أولى بالصفا أن تكتب بالألف الممدودة لا المقصورة إذ إن أصلها الصفاء وخففت بحذف الهمز.

فاليوم أرْضَي بما قد كان في القـدر
فاليوم أرْضَى بما قد كان من قـدرِ (مجرد اقتراح)



تحياتي وإعجابي المتزايد

الســـلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــه


أحبتـــي الكـــرام

نهى ، ابن بيسان ، د.سمير العمري


لكم جزيل الشكر وعظيم الامتنان على هذا المرور الجميل و على هذه النظرة الفاحصة للنص ، فكم أنا محظوظ لتواجدي بينكم أيها المميزون

فيما تقدم من تعليقاتكم أربع ملحوظات لي فيها رأي ، قد يصيب و قد يخطئ

1 – في قولي (( لم يبق )) أتيت بزحاف الطي و لم أشبع الكلمة كما أسلفت ، و هو جائز في البسيط حتى و إن قل في عجزه ، و في الحقيقة لم أجد في جرسه قبحاً - في أذني على الأقل- .

2- في قولي (( ضاقت بكِ الّا )) لم أجد فيها أي هنة ، و قد أوضح الأستاذ ابن بيسان هذا الأمر

3- النقطة الثالثة هي عدم إشباع (( همِّ يا )) وقد كان من الضرورات الشعرية الجائزة في وجهة نظري ،لا سيما و أنه أتى قبل الياء المحذوفة حرفٌ مكسورٌ و مشددٌ و بعدها ياءٌ أيضاً ، مما يجعلها أكثر قبولاً من الناحية الموسيقية ، كما أعتقد أن الضرورة الشعرية تقاس في قبولها أو ردها على درجة مخالفتها لقواعد اللغة و على استساغة السامع لها أيضاً

كلنا يعلم أن العرب أجازوا لأنفسهم قصر الممدود كقولهم

لا بد من صنعا و إن طال السفر وإن تحنى كل عودٍ و دبِرْ

بل وحذف بعضهم حرفين تجاوزاً كعلقمة بن عبدة حين قال

كأن إبريقهم ظبي على شرف مفدم بسبا الكتان ملثوم

فقوله ‏"‏ بسبا الكتان ‏"‏ يريد بسبائب الكتان وكذلك قول الآخر‏:‏

يذرين جندل حائر لجنوبها فكأنما تذكي سنابكها الحبا

وقول لبيد‏:‏ درس المنا بمتالع فأبان أراد المنازل‏

وقد ورد في شعر العرب كثيراً حذف النون في حرف الجر "من" إذا وليها ساكن ومن ذلك قول عمر بن أبي ربيعة:

عشية رحنا م الغميم وصحبتي تخب بهم عيس لهن رسوم

وهذا هو الأخطل أيضاً يقول :

أبنى كُليب إن عمّيَّ اللذا قتلا الملوك و فككا الأغلالا

يقصد باللذا = اللذان

بل قد أنشد سيبويه وهو مبدع علم النحو

وإن الذي حانت بفلجٍ دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد

أراد " الذين "


فالأمثلة كثيرة على تجاوز الشعراء - كضرورة شعريه- بحذف حرفٍ ما في الكلمة سواءً كانت اسماً أو فعلاً أو حرفا


وفي الحقيقة لست من من يأتي بالشاذ و النادر كي يجيز لنفسه ما لا يجوز ، فأنا أوافق الأستاذ سمير العمري في أن القواعد العامة يجب أن تحترم ، إنما قد ورثنا من قواعد الشعر بنداً مفتوحاً إلى حدٍ ما يسمى " الضرورة الشعرية " ، كما ورثنا أيضاً عبارة (( يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره )) ، فإن كانت هذه الضرورات معقولة و في نطاقٍ لا يخل بمعنى الكلمة أو بوقعها الموسيقي على المتلقي أو بقواعد النحو بشكلٍ واضح كما ينقل عن أحمد شوقي حين قال

في البحـرِ لَـمْ فِـتُّـكُمْ ‏في البَـرِّ فِـتُّـوني بالتِّــبْـرِ لَـمْ بِـعْـتُـكُـمْ ‏بالتِّــبْنِ بِـعْـتُـوني

حيث أدخل حرف النفي الجازم على الفعل الماضي ، وهذا ما لا يجوز مطلقًا

ففي هذه الحالة لا أرى بأساً في استخدام هذه الضرورات الشعرية عوضاً عن التضييق على شبابنا اليوم و هم بالكاد يُقبلون على قراءة الشعر العامودي الفصيح فضلاً عن كتابته ، كما أرى و من وجهة نظري الشخصية المتواضعة بأن الهدف الأساسي من كتابة الشعر هو إيصال المشاعر و الأحاسيس ونقل التجربة الإنسانية بالدرجة الأولى ضمن أُطرٍ تضمن لهذا الفن تميزه عن باق فنون الكتابة ، أما من يُحمّل الشعر العربي عبأ الحفاظ على اللغة العربية إلى حد التدقيق في أصغر الضرورات الشعرية فأقول له بأن علماء اللغة قد أشبعوا لغتنا العربية بحثاً و دراسةً فلا خوف عليها من التحريف بإذن الله، كما أنهم لم يستشهدوا يوماً بغير آيات القرآن الكريم و أبياتٍ من الشعر الجاهلي و شعر صدر الأسلام لذلك لن يأثر في اللغة العربية شعر من يليهم ، ولن تتأثر أيضاً بهذه الضرورات الشعرية الصغيرة التي تساعد على إبقاء الشباب في حضيرة الفصيح ، لا سيما و نحن في عصر (( أنا بحب عمرو موسى و بكره أسرائيل )) و (( خذ لك بيالة شاهي عالماشي )) و (( عايشه عايشه أنا نبغيك ))



4- فيما يخص إشباع حرف الكاف في (( تغمركِ )) ، فعلى حد علمي أن العروضيين قد أجازوا إشباع الحركة في نهاية الشطر الأول من كل بيت ، فهو يعامل عندهم كمعاملة الشطر الثاني للبيت من حيث إشباع الحركة : فتحاً ، و ضماً و كسرا ، أما إذا كان للملحوظة معناً أخر فأرجو أن توضحوها لي مشكورين .


ختاماً أتمنى أن لا يفهم كلامي على أنه محاولة للدفاع عن النص فقط أو أنه رفض للنقد ، إنما وجدت في هذه الحوارات الحية فرصة ذهبية للتعلم من حضراتكم فأثرت الاستفادة منها

فلا تبخلوا علي أيها السادة بأي تنقيحٍ أو تعديل


تقبلوا إعجابي الكبير بشخوصكم أيها الأحبة ولكم خالص التحية


أخوكم المحب

الـــورد

أخي المحب

الورد

جزاك الله عنا كل خير

وشكرا لك اذ أفتدني من علمك

فلا تبخل به علينا.

تحياتي وحبي

وبانتظار وردة أخرى

جميلة مثل هذي.

المخلص

ابن بيسان