عِندَ الرَّحيلِ تَساوَتِ الأَعذارُ وَرَمَت بِنا عَن قَوسِها الأَقدارُ
هَذا قَضاءُ اللَهِ أَن نَبقى هُنا وَتَرَحَّلَت عَن أَرضِنا الأَقمارُ
زَلَّت عَلى دَربِ الهَوى أَقدامَنا حَتّى رُمي في نَحرِهِ المِغوارُ
وَتَكالَبَ الهَمُّ المُعَتَّقُ بَينَنا وَتَسَمَّرَت مِن هَولِهِ الأَبصارُ
ما عادَ لِلعُشّاقِ عِزٌّ يُرتَجى كَلّا وَلا لِلعاشِقينَ فَخارُ
صاروا عَبيداً لِلهَوى يا وَيلَهُم ما ضَرَّهُم لَو أَنَّهُم أَحرارُ
كانوا كِباراً في عُيونِ ذَويهُمُ فَعَلاهُمُ فَوقَ الجَبينِ صَغارُ
هانوا كَما هُنّا عَلى أَحبابِنا أُسِرَ الحَبيبُ فَلَيسَ ثَمَّ فَرارُ
تَبّاً لِحُبٍّ يَستَقي مِن حُزنِنا فَرحاً يُخَضِّبُ هامَهُ الأَشرارُ
كُلٌّ تَلَفَّعَ بِالقَصيدِ مُباهِياً وَكَأَنَّهُم في حُبِّهِم أَبرارُ
ما ساءَهُم أَن كانَ مِنهُم كاذِبٌ وَمُنافِقٌ وَمُدَلِّسٌ غَدّارُ
بِدِمائِنا وَبُكائِنا وَبِدَمعِنا بُحنا فَقَد مادَت بِنا الأَسرارُ
زَلَّت وَذُلَّت وَاستُبيحَت روحُنا فَتَتابَعَت في إِثرِها الأَشعارُ
نَرثي وَنَنعى كُلَّ حُبٍّ صادِقٍ ضَرَبَ المُنى في صَدرِهِ الإِعصارُ
أَصداءُ صَوتي زَلزَلَت أَسماعَكُم أَتُرى مَحَبَّتُكُم لَنا تَنهارُ
أَلِأَنَّني لا أَستَطيعُ تَكَتُّما يَطغى عَلى حُبّي لَكُم إِنكارُ
هَلّا أَلَنتُم طَرفَكُم وَحَديثَكُم هَل مِن عِتابٍ بَينَنا فَيُثارُ
إِنّي لَأَشدو كُلَّ يَومٍ هائِماً فَتَحارُ مِن شَدوي لَها الأَحجارُ
وَأُحَدِّثُ الدَّربَ الَّذي سِرنا بِهِ فَكَأَنَّهُ لِلعاشِقينَ مَزارُ
وَأُحَدِّثُ العَهدَ القَديمَ وَأَدمُعي تَجري فَهاتيكَ الدُّموعُ غِزارُ
هَل لي إِلى عَهدٍ تَوَلّى بَينَنا سُبُلاً يُعادُ بِها إِلَيَّ وَقارُ
حَسبُ اللَيالي ما نُسِرُّ بِهِ لَها فَيُديرُ ذِكرانا بِها سُمّارُ
فَلَكَم تَحَيَّرَ في الحَديثِ عَنِ الهَوى قَمَرٌ يَدورُ وَكَوكَبٌ سَيّارُ
لا تَحسَبَنَّ هَوى النِّساءِ مُوَحَّدٌ فَلِكُلِّ قَدرٍ يا فَتى مِقدارُ
ما كُلُّ مَن عَشِقَ النِّساءَ مُعَذَّبٌ وَمُقَتَّلٌ بَل بَعضُهُم ، أَقدارُ




