رِسَالةٌ إِلى جَلادٍ عَربي


الحُبُّ أَبْرَأُ مِمَّا قَالَتِ الأُمَمُ
وَالشِّعْرُ أَجْرَأُ مِمَّا أَصْدَرَ القَلَمُ
وَالدَّهْرُ يَومَانِ يَومٌ أَنْتَ مَالِكُهُ
وَآخَرٌ أَنْتَ فِي تِعْدَادِهِ العَدَمُ
فَاربَأْ بِنَفْسِكَ إِنَّ الرُّوحَ سَارِيَةٌ
هَامَ الذَّوَائِبَ لا يَرقَى لَهَا القَزَمُ
كَذَا الحَلِيمُ كَدَيمٍ فِي إِطَاعَتِهِ
فَاحْذَرْ إِذَا جَفَّ فِي إِغْضَابِهِ الحُلُمُ
وَالخَيلُ تَقْضِي وُقُوفًا وَهْيَ صَامِدَةٌ
وَلَيسَ تَقْضِي وُقُوفًا هَكَذَا الغَنَمُ
بَاعُوكِ يَا شَامُ لا رِبْحٌ بِبَيعِهِمُ
وَتَاجَرُوا ثَمَّ قَالُوا رُوحُنَا وَدَمُ
أَلَيسَ أَبْشَعَ ظُلْمٍ ظُلْمُ مُؤْتَمَنٍ
وَأَغْرَبُ العَدْلِ عَدْلٌ عِنْدَ مَنْ ظَلَمُوا !
وَقَولِ أَحَدِهِمُ لِلصَّخْرِ يَا حَجَراً
إِنْ كَانَ يُوجِعُ فِي ذَا المَيِّتِ الأَلَمُ !
فَأَنْتَ أَقْذَرُ مَنْ مَرَّتْ بِهِ دِمَنٌ
وَأَنْتَ أَجْبَنُ مَنْ سَارَتْ بِهِ قَدَمُ
يَا شَامُ إِنَّ جِراحِي عَزَّ مُمْسِكُهَا
وَعَزَّ يَا شَامُ فِي أَلْحَانِنَا النَّغَمُ
لا اليَاسَمِينُ ضَحُوكٌ فِي حَدَائِقِهِ
وَلا الوُرُودُ عَلَى الأَيَّامِ تَبْتَسِمُ
وَدَمْعُ لَيلَى فِرَاشٌ تَحْتَ مَبْسَمِهَا
وَكَيفَ يَغْفُو عَلَى حَرِّ المَدَى شَبِمُ
يَا شَامَةَ اللهِ أَنْدَاءُ الهَوَى ذَبُلَتْ
فَكُلُّنَا فِي مَدَادِ الجُرحِ نَقْتَسِمُ
كَأَنَّمَا البُنُّ مَجْبُولٌ عَلَى وَجَعٍ
فِيهَا وِعِطْرُ الرُّبَا قَدْ شَفَّهُ السَّقَمُ
مَالِي يُحَدِّقُ بِي التَّارِيخُ يَجْهَلُنِي
وَتُبْصِرُ القَهْرَ فِي أَحْدَاقِيَ الحِمَمُ
إِنْ كَانَ يَعْرُجُ مَنْ سَاقَيهِ مِنْ جَلَدٍ
فَكَيفَ يَسْبِقُ مَنْ عُكَّازِهِ الهِرَمُ
لا تَحْسَبَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ نَائِمة ً
إِنَّ الشُّحُومَ لَفِي طَيَّاتِهَا الوَرَمُ
قُدَّ القَمِيصُ فَلا تَسْتَسْلِمِي أَبَداً
وَ إِنَّ يُوسُفَ حَقٌّ وَالطُّغَاةُ هُمُ
النَّصْرً آتٍ وِإِنَّ الصَّبْرَ مُمْتَحَنٌ
وَيَعْلُمُ اللهُ وَهْوَ الحَاكِمُ الحَكَمُ