طقوس غريبة



محسن شاهين المناور

يروج عني البعض أنك شاعر
وإنيَّ عند البعض لست بشاعر
فلا القول من طبعي ولا الشعر صنعتي
ولا لست مداحا بباب الأكابر
ولست من الفرسان أوبعض شأنهم
وإني منذ البدء خطت مصائري
فكيف أقول الشعر والصمت طالعي
قبيل بزوغ الشمس جذوا مشاعري
لساني لايقوى على لفظ همسة
كأصنام هذا العصر ماتت سرائري
وإني كباقي الخلق عبد مسير
وقد سرقوا سيفي وقصوا أظافري
وأين هي الآمال والباب موصد
وأني سجين الوهم بين دوائري
وكيف أقول الشعروالفقر صادني
وقد خانني جيشي وفر عساكري
ألا أيها الناجون لست أنا أنا
ألا فابحثوا عني وقولوا لناكري
أنا العصب المزروع في أس حقده
سأقتله يوما بهمة ثائر
لقد كان لي ماض تنوء له الرؤى
به يغمر الساحات فيض خواطري
ركبت بحور الشعر طفلا ويافعا
على ألف ميناء تجوب بواخري
لقد عانقت روحي سماء وأنجما
و حطت طيور الروض فوق منابري
يراعيَ سهم في لمى الغيد وشمه
ومن خد قرص الشمس كانت محابري
وقد كان لي رسم ولكنه انتهى
وصار بقايا الأمس بين الدواثر
لعشر طواها الدهر لاعاد ذكرها
فلاالليل يغشاني ولا الصبح زائري
بها شاخت الأفكار جف بريقها
وغابت طيور السعد عن خط ناظري
طردت رسول الشعر من شط خافقي
وأرخيت للمجهول كل ستائري
وعلبت أشعاري وألقمتها حصى
وقلت لها نامي بطي دفاتري
وزيدي على الأيام صبرا وهللي
إذا رفرف العصفور فوق بيادري
فلما أفاقت واستشاط حنينها
تراودني شعرا لتذكي مشاعري
أرفه عن نفسي أوسوس خلسة
وحينا يضيع الوقت بين المعابر
أنادمها عشقا فتمسي طليقة
إذا ظبية حسناء مرت بخاطري
أراقب ممشاها وأشتم عطرها
بلهفة مشتاق ودهشة حائر
أدون أحلامي على ليل شعرها
إذا ماأطل الصبح ضاعت مآثري
وكل الذي أهذي طقوس غريبة
يرتلها بوحي براعة ساحر
تخيم في رأسي تشيد بروجها
فأرسلها شدوا بقدرة قادر
أنادي عليها من ديار بعيدة
فتعبر آفاق المدى بتواتر
فتمزجني سحرا بكف جميلة
وتسكبني خمرا بكف المغامر
لمن قال إن الشعر محض عواطف
لقد نال إثما من كبار الكبائر
ألا إنها الأروح في أوج صفوها
يطهرها ربي بكتم السرائر
فيا معشرالأحباب هذي رسالتي
فمدوا إليَّ الكف جبرا بخاطري
فلا زال في الوجدان بعض بقية
ولازال فيَّ الخير والله ناصري
لكم من صميم القلب نهر مودة
وما ضم صدري من نبيل المشاعر