يتيم الحسن



يَتِيمَ الحُسْنِ تَعصِفُ بِالفُؤَادِ
وَتُسْلِمُني لِمِقْصَلَةِ المِدَادِ
فَيَجْرِي الحَرفُ بَينَ دُرُوبِ شِعْرِي
كَجَريِ البَدْرِ مِن وَادٍ لِوَادِ
وَمَا أسْلَمْتُ نَاصِيَتِي لِقَومٍ
وَلا أمَّنتُ غَيرَكَ فِي قِيَادِي
وَعِنْدَكَ كُنْتُ أُثمِرُ كُلَّ حِينٍ
وَبَعْدَكَ بِتُّ شَيئًا مِن رَمَادِ
وَلِلقَلْبِ اسْتِجَابَاتٌ تَعدَّت
طَوَاعِيَةَ الرَّصَاصِ إِلَى الزِّنَادِ
لِأَجْلِكَ لَا لِغَيرِكَ بَاتَ يَرْعَى
بَنَاتِ الَّليلِ فِي وَحْشِ البَوَادِي
لِيُشْرِقَ فِي رِحَابِكَ أَلْفَ شَمْسٍ
وَيُسْكِنَ فِي فُؤَادِكَ أَلْفَ شَادِ
كَـأَنَّ الَّليلَ كُحْلُك حِينَ تُرخِي
رُمُوشَ الحُسْنِ فِي نَقْشِ السَّوَادِ
وَأَنَّ الصُّبْحَ وَجْهُكَ حِينَ يَسْرِي
بَيَاضُ الوَجْهِ فِي ثَوبِ الحِدَادِ
وَمَا أَبْقَيتُ عَنْ جُهْدِي لِأَمْضِي
إِلَى عَينَيكَ فِي وَهَجِ اتِّقَادِ
فَكَمْ سَافَرْتُ فِي شَفَتَيكَ هَمْسًا
وَفِي جَفْنَيكَ بَعْضًا مِنْ رُقَادِ
وَفِي أَيَّامِيَ الحُبْلَى هُمُومٌ
تَزِيدُ عَلَى المُضَيَّعِ دُونَ زَادِ
وَلَيسَ يَفِيضُ غَيرُ غَزِيرِ جُرْحٍ
وَلا نَفْسٌ تُجلُّ بِلا اعْتِدَادِ
أَنَا عِطْرٌ بِكَفِّكَ حِينَ ضمَّتْ
حَنَانَ الطِّيبِ فِي خَزِّ الأَيَادِي
وَأَعْمِدَةٌ لِصَرْحِكُمُ ضُلُوعِي
وَهَلْ بَيتٌ يَقُومُ بِلا عِمَادِ !
نَصَبتَ إِليَّ مِنْ عَينَيكَ شِركاً
فَأَحْسَنْتَ اقْتِنَاصِي وَاصْطِيَادِي
وَكَمْ نَازَلْتَ شِرْيَانِي بِنَبضٍ
فَكُنْتَ النَّصْرَ مِنْ بَعْدِ الجِهَادِ
وَفِي المِضْمَارِ كَانَ السَّبْقُ حَظِّي
وَهَا أَنَا فِي السِّبَاقِ بِلا جَوَادِ !
وَمَهْمَا طَالَ فِي الأَعْنَاقِ دَيْنٌ
سَيَمْحُو الدَّيْنَ مِنْقَارُ السَّدَادِ
فَيَا أَحْلا النِّسَاءِ بِكُلِّ أَرْضٍ
وَيَا رِيمَ الفَلاَةِ بِكُلِّ وَادِ
أَمَا يَكْفِيكِ أَنْ أَهْوَاكِ أَلفًا
وَفَوقَ الأَلْفِ آلافُ اجْتِهَادِ
( فَيَا لَيتَ الإِلهَ يَلُمُّ شَمْلاً )
وَيَجْمَعُنَا عَلَى نَفْسِ الوِسَادِ
فَأَرْخَتْ كَفَّهَا فِي حَرِّ كَفِّي
كَمَنْ أَرْخَى الجَدَاوِلَ عِنْدَ صَادِ
وَمَالَ الرَّأْسُ مِنْهَا فَوقَ صَدْرِي
فَأَفْرَغَتِ الحَيَاةَ عَلَى الجَمَادِ
فَدَيتُكَ عَيدُ مِيلاَدِي بُرَاقٌ
سَيَحْمِلُنَا عَلَى هَامِ الوِدَادِ