اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد حسن محمد مشاهدة المشاركة
عن ‏ ‏أبي هريرة رضي الله عنه ‏ ‏قال قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : ‏ ‏ "‏‏بدأ الإسلام ‏ ‏غريبا ‏ ‏وسيعود كما بدأ غريبا ‏ ‏فطوبى ‏ ‏للغرباء"
إلى الغريب المهندس صبري فياض

طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ


الْفَارِسُ الأَخِيرُ نَازِلٌ عَلَيْنَا فِي الْقُرَى مِنْ سُورَةٍ..
على حِصَانِ الْعَهْدِ..
مُمْسِكًا بِجَمْرَةِ مِنَ الدِّينِ الرَّطِيبِ..
بَاحِثًا فِي أَيِّ قَلْبٍ عَنْ صَحَابِيٍّ
وَفِي الْعُقُولِ عَنْ آبَارِ بَدْرٍ..
لا يَرَى إِلا بَصِيصًا مِنْ أَصَابِعِ الرَّسُولِ
فِي النُّفُوسِ..
لا يَرَى
أَعْصَابُهُ مَفْتُوحَةٌ مِثْلَ الشَّوَارِعِ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا
مَطيَّةُ الْفَارُوقِ حِينَ كَانَ فِي طَرِيقِهِ لِلْقُدْسِ
وهْوَ مُمْسِكٌ لِجَامَ تَارِيخٍ بِضَوْءِ عَدْلِهِ مُضَفَّرَا
***
يَقُولُ قَلْبِي:قَبْلَ دَمْعَتَيْنِ كُنْتُ مَاشِيًا فِي شَارِعٍ مُفَخَّخٍ
بِصُحْبَةِ الضَّبَابِ..
لِي قَمِيصُ نَبْضٍ رَقَّعَتْهُ فَرْوَةُ الْكِلابِ بِالإِخْلاصِ لِلنِّسَاءِ..
وَالْخُبْزِ الْقَرِيبِ..
وَالْعَسَاكِرِ الَّذِينَ أَطْلَقُونِي مِنْ وَرَاءِ الْفَارِسِ الأَخِيرِ..
قَالُوا: "أُيَّها الْقِطُّ الْمُربَّى فِي بُيُوتِ الْوَطَنِ النَّظِيفِ،
هذا فَأْرُكَ الأخيرُ يُخْفِي مَسْجِدَيْنِ هَارِبَيْنِ مِن عَصَانَا
بَيْنِ شَعْرِ ذَقْنِهِ الطَّوِيلِ...
يَدَّعِي لِنَفْسِهِ صِفَاتِ السِّينِ..
كَيْ يَصِيرَ (فَار)سًا على شَعْبِ الذُّرَا"
وَحِينَ كُنْتُ أَقْتَفِي آثَارَ دَمْعَتِيْهِ وَهْوَ صَاعِدٌ بِغَيْمَتَيْ صَلاتِهِ
نَحْوَ السَّمَاءِ
فارشًا سَجَّادَةَ الْمَسَاءِ تَحْتَ عِطْرِهِ..
وبلَّ قَفْزَتِي وَرَاءَهُ بِدِفْءِ صَوْتِهِ..
شَعَرْتُ بَعْدَهَا بِجُوعٍ..
أَطْعَمَتْنِي نَظْرَتَاهُ لُقْمَةَ الإِيمَانِ..
قَادَنِي..
وَبَعْدَ دَمْعَةٍ لَمَسْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ..
وَانْفَتَحْتُ..
كالشَّوَارِعِ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا مَطيَّةُ الْفَارُوقِ..
حِينَ كَانَ فِي طَرِيقِهِ لِلْقُدْسِ..
وَهْوَ يَنْقُشُ السَّلامَ (حَجْمَ خُطْوَتَيْهِ) فِي عَقْلِ الثَّرَى
***
الْفَارِسُ الأَخِيرُ لَمْ يَزَلْ يُصَحِّي الْفَجْرَ
كَيْ تُصَلِّيَ الْقُرَى..
تَمُرُّ عَبْرَ صَوْتِهِ قَوَافِلُ الْبَيَاضِ
مِنْ حَدِيثٍ نَبَوِيٍّ نَحْوَ صُفْرَةِ الذُّبُولِ فِي نُفُوسِنَا
فُتُشْفَى السُّحُبُ..
وَيُوقِظُ الْمَوْتَى
(الَّذِينَ يَدْفِنُونَ الْعُمْرَ فِي مَقَابِرِ النِّسْيَانِ..
يَحْمِلُونَ مِنْ حَفَاوَةِ الْقُرْآنِ شَكْلَهُ
الْمَطْبُوعَ فِي عَقْلِ اللسَانِ..
{لَيْسَ لِلِّسَانِ أَيُّ عَقْلٍ!!..}
هَذِهِ أَصْوَاتُهُ تُتْلَى عَلَى أُذْنَيْنِ
مِنْ طِين هَوًى وَمِنْ عَجِينِ غَفْوَةٍ..)
بِإِذْنِ رَبِّهِ..
وَيُعْطِي الْفُقَرَاءَ من حَلاوَةِ الْخُشُوعِ تَمْرَتَيْنْ
مَسْقِيَّتَيْنِ مِنْ جُفُونِ دَعْوَةٍ في الليلِ..
والتفَّاحُ لا مَقْطُوفةٌ تُفَّاحَةٌ مِنْهُ، وَلا مَمْنُوعَةٌ عَلَى خُدُودِ الْحُورِ..
وَالرُّمّانُ نَادَى فَوْقَ صَدْرَيْ جَنَّتَيْنْ
وطَعْمُه حُلْمٌ حَلالٌ طيِّبُ..
لِلْفَارِسِ الأَخِيرِ أُصْبُعٌ:
يَسِيلُ مِنْ حَنَانِ مَوْجِهَا الْنَّشِيطِ فِي فَمِ الْقُرَى
نَهْرٌ مُصَفًّى؛ ضَفَّتَاهُ مِنْ ثَرَى أَرْوَاحِنَا..
فَنَشْرَبُ
وَأُصْبُعٌ يُعْصَرُ مِنْهَا الْعِنَبُ
***
الْفَارِسُ الأَخِيرُ صَبْرٌ سَاطِعٌ
يُحَاولُ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَاعُ ضَوْؤُهُ العفيفْ
يَقُولُ قَلْبِي قَدْ رَآهُ نَائِمًا عَلَى سَرِيرِ نَجْمَةٍ
ومرَّةً مُحَارِبًا طَاحُونَةً..
وَمَرَّةً مُرَبِّتًا عَلَى ضُلُوعِ الشَّمْسِ بالآيَاتِ..
وَالأَقْمَارُ فِي عَيْنَيْهِ كَالدُّمُوعِ مَرَّةً
وَكُالدُّعَاءِ كُلَّ مَرَّةٍ تضيء فيها رغبةٌ أَوْ تُرْهَبُ
وَمَرَّةً رَآهُ يَمْشِي فِي ثِيَابِ النَّاسِ..
لكنَّ الجنودَ أجمعوا جُحُودَهُمْ عَلَيْهِ..
أَوْدَعُوهُ فِي سُجُونِهِمْ
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطِفُوا حَمَامَ ذِكْرَيَاتِهِ
مِنْ فَوْقِ غُصْنٍ طَارِحٍ فِي الْقَلْبِ..
أَوْ..
يَعْتَقِلُوا رِيَاحَ ضَوْئِهِ الَّتِي ظَلَّتْ عَلَى حُقُولِنَا تَطُوفْ
لَكِنَّهُ
وَرَغْمَ كُلِّ مَا لَهُ مِنَ الْقُصُورِ وَالنَّخِيلِ والْخُدُورِ فِي السَّمَاءْ..
فِي وَجْهِهِ الْعَطُوفِ بَثْرَةٌ بِهَا صَدِيدُ غُرْبَةٍ وَقُرْحَةُ انْطِفَاءْ
فَهَلْ تُرَى قَدْ آنَ مَوْعِدُ الرجوعِ لاغْتِرَابِهِ الْقَدِيمِ
(يَوْمَ صَافَحَ الْقُرَى فِي الْمَرَّة الأُولَى بِكَفَّيِ السَّمَاءْ)
***
يَقُولُ قَلْبِي:
"إِنَّنِي رَأَيْتُهُ فِي ثَوْبِهِ الْمَوْجُوعِ ذَلِكَ الْمَسَاءْ
الْفَارِسَ الأَخِيرَ وَهْوَ عَائِدٌ مِنْ حَيْثُ جَاءْ
وَتَارِكٌ وَرَاءَهُ عَلَى ضِفَافِ الليْلِ
-لِلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي طَعْمِ الرُّجُوع -
خُطْوَتَيْنِ مِنْ ضِيَاءْ
الآنَ فِي "طُوبِى" مُقِيمٌ فِي انْتِظَارِ مَنْ تَبَقَّى مِنْ رِجَالٍ غُرَبَاءْ..."
أخي الشاعر أحمد
مفردة رصينة تسبح في خيال مبتكر رحيب
أحسنت القول وأجدت الأداء
تحياتي