اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عبد المنعم سرساوى مشاهدة المشاركة
وهذا أظنه ما حدث مع أديبنا محمد الشحات محمد، حين أدهش الموكب الأدبي بجنس أدبي جديد ينعم بصوت وصورة متفردين.
ومع أن القصص الشاعرة تحفظ للعقل البشري حقه في الحياة، إلا أن غثاء القافلة لا يفتأ يغذي الورم المتفشي ليظهر سائداً مع كونه لا يتجاوز حدود اسمه.

لكنه ليس بغريب أن يشقى الأديب لسعادة الأدب، وخاصة رواد التجديد الذين يشقون مرتين؛ مرة في رحلة الوصول إلى المبدعين أنفسهم، والمرة الأخرى في رحلة الوصول بالمبدعين إلى ذائقة القارئ الحقيقية. لكن أخيراً يبقى سؤال: كيف لا يرضى الناس بما هو قائم، ويسعون دائماً للتغيير، وعندما تظهر ملامح جديدة يكون رد الفعل اللاإرادي والأول هو عدم الرضا أيضاً؟!

نعود إلى بقعة الضوء المسلطة على معاداة كل رائد تجديد فكري، من شأنه أن ينتج كل جديد مادي يعشقه الجمهور من أول نظرة. فحينما يظهر اكتشاف أو اختراع مادي، تتلقفه الأفئدة، بينما الباعث الرئيسي لذلك الاختراع - وهو دوماً فكري وأدبي – يواجه بكثير من الجهل والنكران ... وهنا يستيقظ العجب.
أعتقد أن السبب الأساسي وراء الموقف السلبي من القصة الشاعرة سواء توجسا كان او تربصا ، يتأتى ابتداء عن الجهل بماهيتها، والخلط ما بينها وبين الشعر القصصي والمسرحية الشعرية
على قاعدة التقائهم جميعا في سمة الشعرية التي تحمل في مضمونها حرفا مموسقا وصورا ومفردات متناغمة بدلالاتها وتأثيرها، ناسين أو متناسين أن للقصة الشاعرة معايير تختلف تماما عن تلك التي تحكم قصيدة تحكي قصة ما، أو مسرحية صيغت بقالب شعري .
ولعل علينا أن نردد ونؤكد على ما تقوم عليه القصة الشاعرة من معايير تبدأ بالتدوير الشعري الذي لا يتحقق إلا في شعر التفعيلة لتعارضه مع ثوابت القصيدة العامودية، وينطبق على القصة القصيرة دون غيرها لاعتمادها الاختزال والتكثيف، ولأن المسرحية والرواية يستحيل معها اعتماد التدوير لتبدأ وتنتهي بدون انقطاع، ولا تقف طبعا عند حدود لغة الترميز و شخصية النصّ و خيال الكاتب وحبل طويل من السمات الشاعرية للنصوص عموما.

وعلى الشاطيء الآخر من الحقيقة ذاتها تقف الفكرة التي ما زلنا نخجل من الاعتراف بها، وهي أن من دأبنا الوقوف في وجه أي ابتكار غير منسوب للآخر الغربي، فلو كان للقصة الشاعرة نسب أفرنجي لسارع المتحذلقين لتبنيها وفرضها على المشهد الثقافي، مستفيدين مما يقدم لهم إعلاميا ورسميا من دعم ودفع، حتى تترسخ وتصبح واقعا أصيلا في الأدب، لندخل بعدها في جدلية إثبات نسب هذا اللون الفني تماما كحالنا مع غيره
ولكن القصة الشاعرة جاءت هنا واضحة الجذور، فتوافق مع طبيعتنا في التعاطي أن نعلن عليها حربنا، ملحقينها بغيرها من الفنون إصرارا على إنكار وجودها من أصله ، وهي تقف أمام أعيننا لونا فنيا له جمالياته وعمقة ومزاياه.
فليس في الأمر عجب
وليس إلا أننا حتى هنا ، إبداعنا رهن لإرهاصاتنا

موضوع من العيار الثقيل جدا

دمت مبدعا شاعرنا