وداعا قبلة المجدِ التليدِ وداعا أرضَ هارون الرشيدِ
وداعا والوداعُ أشدُّ وقعا على الأحبابِ من موتٍ أكيدِ
سقطتِ اليوم يابغدادُ كرها كنجمٍ خرّ في ليلٍ عنيدِ
وداعا صاحت الأمجادُ حزنا وغنّى الطيرُ في لحنٍ فريدِ
وداعا قالها التاريخُ سُخطا وساقتها جراحاتُ القصيدِ
عراقَ الرافدينِ غدوتَ وكرا يداري كل شيطانٍ مريدِ
وصدراً مستباحا للخناجر وحضنا للدماء كماالوريدِ
وبوقا يملاُ الدنيا صراخا بفُحشِ القولِ والفكرِ البليدِ
أيا صرح العلوم الخالداتِ رخيصا صرتَ كالإرثِ الزهيدِ
كأنك لم تكن نورا مشعا لأهل العلمِ والرأيِ السديدِ
كأنك لم تكن للعلمِ بحراً وأسباباً الى العيشِ الرغيدِ
لقد كانت مياهك شافياتٍ سقت من عذبها كلَّ العبيدِ
إذا ماذاقها الموجوعُ يُشفى بإذن الخالق البَرِّ الحميدِ
فكيف اليوم ماؤك بعضُ قَطرٍ يموتُ لشُحِّه حبُّ الحصيدِ
يموتُ الطفلُ يابغدادُ جوعا وخيرك فائض’’ في كل بيدِ
ويهرب من لظى الحرمانِ عنكِ ضعافُ القومِ في زحفٍ مديدِ
تشتتَ شملهم في كل صِقعٍ من الدنيا فما ذنبُ الشريدِ
وهاأنتِ وقد صُبّت عليكِ سمومُ الموتِ في نفثٍ شديدِ
رماك الأهلُ والأصحابُ صدّوا وهذا حالنا مامن جديدِ !
على قبر العراقِ أقيمَ حفل’’ أسى بغداد أضحى يومَ عيدِ
هي الحريةُ النكراءُ جاءت على ظهر المجازر والوعيدِ
هي الحرية الجوفاءُ قامت على أنقاض أوصال الشهيدِ
هي الحرية السوداءُ تُسقى بدمعِ الشيخِ والطفلِ الوليدِ
هنيئا أيها الأحرارُ فامضوا بليل الأسرِ كالوغدِ الطريدِ
ستنبئكم جهنّمُ ذات يومٍ اذا مازمجرت : هل من مزيدِ ؟؟!!
شعر/ حمدان بن سالم - السعودية-