فِي مَعْرِضِ الكِتَابِ*


فِي مَعْرِضِ الكِتَابْ
للنَّاشِرينَ سَاحَةٌ كَثِيرَةُ القِبَابْ
أَجْنِحَةٌ مُفْعَمَةٌ ..
يُعْرَضُ فِيهَا كُلُّ مَا لَذَّ وَطَابَ جَنْبَ مَا بَذَّ وَعَابْ
فِي المَعْرِضِ الأَفْكَارُ وَالأَسْرَارْ
المَالُ والعُمَّالُ وَالأَطْفَالُ والنِّسَاءُ والشِّيبَانُ والشَّبَابْ
الليلُ والنَّهَارْ
الصَّحْوُ وَالغُبَارُ
والكِنَاسُ وَالآجَامُ والأوكارْ
وَفِيهِ تَسْرَحُ الغُزْلانُ وَالقَطَا مَعَ الأُسُودِ الذِّئِابْ
لَكِنَّمَا مِمَا يَرَاهُ يَحْذَرُ الجِدَارْ
**
فِيهِ حُقُولٌ جَاوَرَتْ ثِمَارَهَا أَقْذَارْ
فَاعْصِرْ كَمَا تَشَاءُ في الأَكْوَابِ..
وَارْتَشِفْ كَمَا تُرِيدُهُ الشَّرَابْ
فِيهِ المُكَيِّفَاتُ والمُلَطِّفَاتُ وَالبَخَّورُ ..
لَمْ تَحَارِبِ الذُّبَابْ
غَيْرَ ذُبَابٍ جَالَ فِي الأَسْيَابْ
فِيهِ السَّوادُ غَائِظٌ بِيْضًا وَلا عُجَابْ
كَذَا يَغْتَاظُ عِنْدَمَا يَفْقِدُ لَوْنَهُ الغُرَابْ
**
فِي مَعْرِضِ الكِتَابْ
أَرْوِقَةٌ لِلْمُقْتَنِينَ ضُيِّقَتْ لَتَنْعَمَ الأَجْسَادُ فِي تَلاحُمِ الوِدَادْ
دَخَلْتُ فِي سَاحَتِهِ مِنْ أَفْخَمِ الأَبْوَابْ
قُمْتُ بِجَوْلَةٍ عَلَى المَعْرُوضِ فِي الرُّفُوفْ
أقَلِّبُ الكِتَابَ وَالعُلُومَ وَالآدَابْ
أَطَيلُ عِنْدَ بَعْضِهَا الوُقُوفْ
بَيْنَا أَنَا ..
دَهَتْ يَدِي آخِذَةٌ بِهَا إِلَى مَصَارِعِ العُشَّاقْ
كَحِيلَةٌ تُصِيبُ بِالجَوَى وَلا فُوَاقْ
أَسْلَمْتُهَا نِفْسِي إِلَى حَيْثُ تُرِيدْ
فَإِذْ بِنَا فِي جُنَّةٍ جَنِيَّةِ الأَطْيَابْ
فِي يَدِهَا قَائِمَةٌ تَضُمُّ أَسْمَاءَ كُتُبْ
هَذَا مُفَكِّرٌ مُزَخْرِفٌ يُطَوِّرُ العَرَبْ
وَتِي رُؤَى وَفَلْسَفَاتُ فَيْلَسُوفٍ مُنقِذٍ أَحْوَالَنَا مِنْ العَطَبْ
وَذَا دِيْوَانُ مُحْدِثٍ مُجَدِّدٍ..
وَذَي رِوَايةٌ سَمَتْ عَلَى رِوَايَاتِ الأَدَبْ
وَذَا ..., وذَا ...
قُلْتُ: كَفَى ..
مَا شَأْنُهَا وَشَأْنِي
وَإِنَّما كُونِي مَعِي .
قَالَتْ: بِشَرْطٍ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا بِمَا حَوَتْ .
قَلْتُ : وَهَلْ لِي حِيلْةٌ ..
بَعْدَ الذِي فِي مَعْرِضِ الكِتَابِ يَا بِنْتَ العِنَبْ !
قَالَتْ: أَرَاكَ عَارِفًا بِأَمْرِهِ ؟
قُلْتُ: الجَمِيعُ عَارِفُونْ .
لَكِنَّمَا "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبْ"
وَمَنْ يَكُونُ فِي فَسَادِنَا السَّببْ
وَمنْ يَدُسُّ السُّمَّ فِي شَهْدِ الكُتُبْ
وَمنْ يُرِيدُ الفِسْقَ والإِلْحَادَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ..
بَلْ وَفِي جَزِيرَةِ العَرَبْ
ـــــــــــــــــــــــــ


* لا يجهل أهمية الكتاب وتسويقه بمختلف الوسائل إلا من جهل قدر العلم والمعرفة , ولكن كثير من يجهل تسويق شرِّ الكُتَّاب بمختلف الأنشطة الثقافية ومنها معرض الكتاب, ولو اقتصر الشر المسوق على أفكار شهوانية ومسائل دنيوية لهان وما هو بهين مقارنة بما هو شر منه فالمسلمون مفطورون على الشهوة وحب الدنيا, ولكن حين يصل الحال بهم إلى تسويق الاعتقاد بالإلحاد وتسويغه تحت مظلة الحرية والثقافة والفلسفلة والأدب فقد نزع منهم لباس الإسلام وإن حاولوا يؤسلمون التوجهات والأفكار المصادمة لحقيقة الإسلام .