لست أدري لما يضع القدر في طريق حياتنا.. أناس لا يمتون إلينا بصلة ، يقتحموننا ويصبحون جزأ منا !!
امرأة في العقد السادس من عمرها... جمعت كل الفصول في آن واحد ، طفلة بمظهرها
وصوتها ، وشابة في حيويتها ونشاطها ، وكهلة في التضاريس التي أبت إلا أن تستبيح معالم وجهها.
من الذي دفعها إلى باب منزلي ومنه إلى حياتي !!! أسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهني كلما
رأيتها .
منذ سنة وهي تعاودني بين الفينة والفينة ، تحمل إليّ أصنافاً منوعة تفننت في صنعها فكانت لا تقاوم .
كانت في بادئ الأمر تشعر بالحرج وهي تعرض ما لديها ، ومع مرور الوقت أصبحنا أكثر
إلفة ..تعلمت منها الشيء الكثير ، الصبر والعنفوان والتضحية ..امرأة عرفت عني الكثير
وكلما حاولت أن أعبر إلى ذاتها كانت تتهرب بدبلوماسية ورقة ..حتى إنني لم أعرف
إسمها ولا عنوانها ..ولكنني كنت متأكدة بأن هناك شيء ما يؤلمها ويؤرق كاهلها .
إلى أن جاءت يوماً وتعابير وجهها تدل على إرهاق كبير..قالت ، أهل القرية يطاردونني بألسنتهم وينعتونني بالمسنة ..تتحسس وجهها وهي تنظر إليّ ...أتعلمين أنا لا أنظر إلى نفسي في المرأة
تبسمت وأنا أؤكد لها بأنها تشع حيوية ..وأكملت زوجي
طريح الفراش وبناتي لم يكملن تعليمهن وليس لديّ أولاداً ذكور.. أأدفع ببناتي إلى العمل
ليتعرضن للمهانة !!! أنا أتحمل كل شيء في سبيل كرامة العيش ...لا تردعني المسافة
الطويلة بين القرية والمدينة ..لا البرد ولا الحر ..يهمني أن أعيش بحريتي أنا وعائلتي ..ثم
تطرح سؤالاً آخر هل أنا على خطأ ..وهم على صواب ؟؟
كان هذا اليوم آخر عهدي بها ، ربما أودعتني سرها وهي تنوي وداعي ... أو ربما قادتها
الأقدار إلى طريق آخر