لا .... لن أرحل
لم أخبرك يوماً أنني فقدت أحباباً كانوا يملؤون فراغ قلبي , يضخون الدم منه وإليه كيفما يشاؤون . معهم كانت سعادتي , وبعدهم عشت المعاناة التي كادت تدمرني لو لم التقيك يومها في الحديقة , كنت محطمة يائسة ليس لدي ولو خيط من نسيج عنكبوت أتعلق به , رفضك قلبي في البداية خشية أن يتعلق بك ويتعرض لصدمة أخرى يمكن أن تدمره وتقضي على بقيته , ولكنه بعد ذلك وجدك الملاذ والمنقذ له مما هو فيه من بؤس وعذاب .
استسلمت للأمر ولكنني لم أتركك تغوص في أعماق نفسي الحزينة التائهة في عالمي المجهول .
قالتها لأعز الناس وهي تنطر في عينيه الحائرتين - من ترددها - تستكشف فيهما النقاء والحيرة وهو يسألها الرحيل معه إلى بلاد بعيدة .
نعم كنت أبحث عن قلب دافيء يلملم شتات قلبي , يمسح دمعتي , ينسيني همومي وأحزاني , يربت على كتفي , يأخذ بيدي ويمضي بي إلى بر الأمان , نحو المستقبل بخطىً ثابتة وقلب لا يعرف الهزيمة أو الانكسار , ينتشلني من الماضي بمآسيه وأحزانه , يختطفني من براثن الحرمان الذي كاد يدمر كياني , يمحو القهر , يمحو الذل , يغتال ألمي ويقتل أوجاعي , يجذبني إلى حيث الراحة والأمان وكنت أنت .
ولكن ....
هل يستطيع العقل وما فيه من خبايا أن يزيح الماضي وينساه إلى الأبد ,
ربما تناساه لفترة من الزمن ومهما حاول يوماً ما سنجده أمام أعيننا واقفاً كالصخرة , يهبط بنا إلى قاع الذاكرة حيث تكمن الشخصية بكل مقوماتها التي تشكلت خلال سنوات العمر , يصرخ بصوت يدوي في أرجاء النفس فارداً كل مالديه من ذكريات .
ثم نظرت إليه والدموع تتسابق على خديها
رغم محبتي لك
لن أفارق أهلي .... لن أخون ذكرياتي ....
سأبقى هنا حيث أنتمي ....
حيث بصرت عيناي النور لأول مرة ....
أعانق أيامي القادمة في ربوعك ياوطني ....
محبتي لك ولمن عز عليه الرحيل ....
لا .... لن أرحل

الهام محمد