التهرب من المسؤولية
قررت أن أتهرب من كل مسؤولياتي وأن أترك لكل اهتماماتي مساحة واسعة من وقتي، وهذا من باب الحرية الشخصية، فلن أقرأ الجديد من الكتب، ولن أصحح الأخطاء الإملائية في ما أكتب، ولن أسعى لتطوير ذاتي، سأبقى على ما أنا عليه، وسأخاطب كاتب القصة بأنه " صديقي الشاعر المبدع " و أخاطب الشاعر على أنه قاص، وإذا ما سألني أحدهم سأجيبه، بأحد الإجابات التالية : خطاً مطبعي ، سقط سهواً، أو أن أقول هذا مستوى فهمي وتقييمي لما تكتب، وما إلى ذلك.
سيرى كثيرون أن ذلك إهمال مني، وتقصير بحق نفسي وأني أمارس هذا التقصير بسعادة غامرة، هذا على الأقل، وقد يرى البعض الآخر فيّ " إنساناً غير مهذب وأني لا أملك الشعور بالمسؤوليه" على الأقل هذا إن لم أسمعهم يقولون أني لا أحترم نفسي أو الأخرين، لأني لم أنزلهم منازلهم، ولم أخاطبهم بما هم أهل له، وقد ينتج عن ذلك أمور كثيرة أقلها اني سأفقد العلاقة المميزة التي كانت تربطني بهم، أو بحد أدنى أني سألاحظ بعض الجفاء في طريقة تعاملهم معي.
سأذهب وأرتاد نفس الأماكن التي ترتادها زميلاتي وزملائي، ولن أسعى لأن أتعلم منهم شيئاً، فلن أنصت لما يقولون، ولن أغلق هاتفي النقال أو أضعه على وضعيه الصامت، وسأحدث من أجلس معهم بأحاديث شيقة، فإن إنتهت الأحاديث سأتحرك لألتقط الصور وبشكل مبالغ فيه، كما أفعل كل مرة، ولنفس الأشخاص، ولا داعي لأن أحمل قلماً و أوراقاً حتى لا اكتب جميل العبارات التي سمعتها، أو الأفكار الناتجة عن تلك العبارات، فهي لم تعد تهمني لا من بعيد ولا من قريب لأني لن أكتب بعد الآن.
سأذهب إلى الأمسيات الشعرية والأدبية، كما لو أني سأذهب إلى مقهى الإنشراح، وسأسعى لأن أصل متأخراً، وأن أسلم بحرارة على الصديقات والأصدقاء الموجودين، و سأسعد بالحديث معهم، وبذلك سأظهر بمظهر الإنسان الواعي الذي يحترم من هم على منصة الإلقاء، فليس من اللباقة أن أنتظر حتى ينتهي المتحدث، فأدخل مصفقاً له مع المصفقين، سيكون لتصرفاتي العقلانية هذه أثر كبير على راحتي وسأسعد باهتماماتي الشخصية الخالية مما يتطلبه المجتمع المبدع من اللباقة بل ومن التميز فيها، والمسؤولية صعبة جداً على من هم مثلي.

باسم سعيد خورما