في حضرة الشريف مولاي حسن الحسيني، الشاعر الفحل، شاعر رودانة والمملكة المغربية، وصوت الفرادة في دول أخرى، أقول:

سل حادي العيس

سَلْ حاديَ العيسِ إنْ لاحتْ لكَ الْأَكَمُ
يا حاديَ العيسِ، لا أهلٌ ولا خيمُ

كيف السبيلُ إليهمْ والرمالُ يدٌ
لم تُبقِ لي أثراً يُدلي بما كَتَمُوا

البُعدُ يُؤْرِقُنِي، والصبرُ يَخْذِلُنِي،
والشوقُ يقتُلني.. والذارفاتُ دمُ

يا حاديَ العيسِ عُتْبَاهُمْ –ولا عَتَبٌ-
ما للمُحِبِّ على لَوْمِ الحبيبِ فَمُ

في ذِكْرِهِم لَمْ أَزَلْ أُحْصِي مَنَاقِبَهُم
هُمُ الأُلى، وَهُمُ التاريخُ والهِمَمُ

هُمُ الخِيَارُ إذا قالوا، وإنْ فَعَلوا
لمْ يُبْدِلُوا، وخُطوبُ الدهرِ تَحْتَدِمُ

هُمُ الذين إذا ما استُقْدِموا قَدِموا
وقُدِّموا، ولهمْ فوقَ الذُّرى قَدَمُ

هُمُ الذين إذا نُودُوا لِمَكْرُمَةٍ
أَلْفَيْتَهُمْ عَجِلُوا، والمُنْتَهَى قِمَمُ

هُمُ الكَوَاسِرُ، في سَاحِ الوغَى
عُرِفُوا بالنصرِ، ليس بِخَافٍ مِنْهُمُ عَلَمُ

هُمُ العَوارِفُ باللهِ اهْتَدَوْا رَشَداً
ساروا إليه، فسارتْ حَذْوَهُمْ أُمَمُ

هُمُ الرجالُ إذا ما بُويِعُوا صَدَقُوا
ما عاهدوا، وإذا ما حُكِّمُوا حَكَمُوا

عَدْلاً، فليس يُحَابي منهمُ أحدٌ
في حُكمِهِ أَحداً، نِعْمَ الذي فَهِمُوا

المُلْهَمُونَ ضياءَ الحقَّ، سَادَتُنا،
كمْ أَحْسَنُوا، وبأختامِ التُّقى خُتِمُوا

المُمْسِكُونَ حِبالَ اللهِ مِنْ أَزَلٍ
وَالممسكون عنِ الفحشاءِ ما أَثِمُوا

السَّابِقُونَ إلى الخيراتِ تَعْرِفُهُمْ
سِيمَاهُمُ: يَدُهُمْ طُولَى، وَتَحْتَشِمُ

وَالصَّاعِدُونَ إلى عَلْيَائِهِمْ جُبِلُوا
على التَّفَرُّدِ، وَالْقِيعَانُ تَزْدَحِمُ

والْمُسْبِلُونَ ثِيَابَ السّتْرِ، كَمْ حَرِصُوا
وحَرَّسُوا، وتَجَلَّتْ فيهِمُ الْقِيَمُ

والوَارِثُونَ كُشُوفَ الْوَحْيِ، خُصَّ لَهُمْ
عِرْقُ النُّبُوَّةِ فَضْلاً ليس يُقتَسَمُ

سَلْ عنهمُ كلَّ ذي عَيْنٍ مُبَصَّرَةٍ
ولا تَسَلْ مَنْ عَنِ الْحَقِّ المُبِينِ عَمُوا

مَوْلايَ مِنْهُمْ إِذا مَا قَالَ ذُو حَسَدٍ:
"إمَّا كَذَبْتَ، وإمَّا قُلْتَ أينَ هُمُ"