كيف صار هذا الكلام جميلا:
فلان إذا هجا الصهاينة جلد
من قال أن الاستعارة(جلد)هي التي جعلته جميلا يقال له لاحظ:
إذا هجا الصهاينة جلدهم
إذا هجا الصهاينة جلد
أي الجلدين أقوى؟
لماذا؟وكيف؟
أصلا معنى استعارة الجلد للهجاء معنى مبتذل ملقى في الطريق لكثرة دورانه على الألسنة لاحظ:
فلان يجلد الصهاينة بشعره
معنى عادي مبتذل ملقى في الطريق وأكثر المعاني في الشعر هي ملقاة في الطريق تحتاج الى لمسة فنية إبداعية تبث فيها الجدة والابتكار .
في هذه الجملة إذا هجا الصهاينة جلد المعاني النحوية بحذف المفعول به هي التي بثت الجدة والابتكار في هذا المعنى .
كذلك صناعة المعنى مثل أن يضيف الى استعارة الجلد للهجاء فيوسع الصورة مثل:
فلان إذا هجا الصهاينة جلدهم بسوط مصنوع في غزة .
طبعا هو أضاف في الصورة سوط مصنوع في غزة لكن يجب أن يكون لهذا معنى لان الاستعارة معناها معنى المعنى أي معنى اللفظ ان الجلد بسوط مصنوع في غزة وينبغي أن يكون معنى هذا المعنى أن هجاؤه مؤلم لأن معانيه مستوحاة من إجرام الصهاينة في غزة أو شيء كهذا .
لاحظنا أن معنى استعارة الجلد للهجاء معنى ليس جميلا بذاته رغم أنه استعارة لأنه معنى مبتذل أي كونه ملقى في الطريق وغير مخترع فيحق لأي شاعر ان يلتقطه جعل الاستعارة غير جميلة وإنما صار جميلا بحركة فنية نظمية جعلته ينتفض بأن بثت فيه تيار الجدة والابتكار .
أقصد أن القوة النظمية بالمعاني النحوية من حذف المفعول أضافت معاني الى معنى استعارة الجلد للهجاء وكذلك الصنعة بتوسيع الصورة أضافت معاني الى معنى استعارة الجلد للهجاء .
وبهذه الإضافة حدث الابتكار فصار الكلام مؤثرا .
الاستعارة هي قوة نظمية من المعاني النحوية لكن إذا كانت ملقاة في الطريق فهي غير مؤثرة وتحتاج الى شيء يجعلها مؤثرة .
استعارة الغزال للمحبوبة معنى ملقى في الطريق ولذلك يحتاج الى قوة نظمية أو صنعة فنان:
كلف بغزال ذي هيف ... هذا المعنى من الطريق.
خوف الواشين يشرده... وهذا أيضا.

نصبت عيناي له شركا
في النوم فعز تصيده
هذه الإضافة المعنوية هي التي جعلت استعارة الغزال الملقى في الطريق جميلا ومؤثرا .
يعني هذا الغزال لايمكن أن يصيده أحد ولو في الأحلام الخيال .
أي ليس استعارة غزال فقط وكانه ذهب الى الطريق فوجد الغزال المستعار للمحبوبة في حالة رثة من كثرة دورانه على الألسنة فنفض الغبار عنه وقال له ياعزيز قوم ذل سأجعلك من جواهر المعاني ونوادرها فأضاف له ما أضاف فصار ليس غزالا فقط بل الغزال الذي نصب له الشاعر فلان شركا في الأحلام فعز تصيده أي صيده كان عزيزا .
مثل أن يقال يحي السماوي أول من شنق الرغيف والحصري أول من نصب شركا للغزال في الحلم .
كلمة عز معبرة لأنه جعل هذا المعنى عزيزا بعد أن كان ذليلا ملقى في الطريق.
وبهذا المعنى الملقى في الطريق سحر عشاق الشعر في كل جيل .
حتى المعنى الجميل الذي يخترعه الشاعر يحتاج الى صناعة ونظم جيد لكن قوة تأثير المعاني النحوية والصنعة تكون في المعاني الملقى في الطريق أقوى لأنه إحياء وإعزاز بعد ذل للمعنى بالصنعة بينما اختراع المعنى لايكون بالصنعة ولذلك المعاني الملقاة في الطريق تُظهر تمكن الشاعر من الصنعة والنظم أكثر من المعاني المخترعة .
وكذلك المعاني الملقاة في الطريق تكون ٩٥٪ أو أكثر من معاني كل شاعر .
والله أعلم