اعتداءات سافرة في محراب القصيدة
هل تزيد القصيدة على بلاغة القتلى أو فصاحة الصباح أم لها من الجرأة ما يكفي للقبض على نافورة الطفولة أو شرح مكياج أنثى طازجة
إنها مهدورة المعنى بين قبائل الأيام ولا تعرف لها نسبا
كلما دخل عليها السرور تمارضت ونشب فيها زكام الغروب
إنها
تبغ منقوع بالفراغ
جريمة تفرّقت في المفاجآت
أرخص أنواع العزلة
نسيان بصوت عال
كف غائمة الاتجاه
أحزان فائضة عن الحاجة
مفاجآت تشيخ سريعا
فسحة للإيجار
محاولة للكذب وملاحقة للعصافير برصاص اللغة وقطف للتواريخ اليابسة
حجارة نعست فيها السنين
حجارة لا تجرح الحروب ولا تدمي الأيام ولا تصيب الثمر البالغ الحجة
الوردة مجهزة بدلالة ولون يحرس بلاغتها ولها حلف مع المرايا والدروب التي لم تكتشف بعد كي تعكس تجلياتها
كذلك الرصاصة تستوفي رزقها كاملا ولها من الصوت ما يبهر إفتتان الرجولة في معاجمها ..
الفراشة ترسم أثرا يدحض اللغة ويراقص الروح في جهة رائعة ...
الطفولة مدلول ينأى كلما تقدم العمر دمعة لكنها لون الدم
القصيدة قفص الزمن مكتومة المولد وتتخلى عن محاسن أحزانها
لم ترث سطوع الصفات .. تنام كثيرا ...
اخذت من الوردة ذبولها ومن الرصاصة خيانة وجهتها ومن الفراشة احتراقها
ولم تأخذ من الطفولة شيئا
من اين تأتي القصيدة ؟ كيف تتربى ؟
إنها
عدائية ونافرة
تحتاج الى عسل التوتر
وباهض القلق
وتعتاش على نبات المجازات ولحم التواريخ ...
خائنة ومتقلبة
الجمال نظام صارم يقظ يؤدى فيه الوجود بذات الوجود والأشياء بذات الأشياء
واللغة ساطعة في ملكوت الحقائق ..
وتأتي القصيدة بخرابها
لتقترح النجاة وتزعم أنها من رأى الخلاص
إنها
أديم الاغتراب والمتاه الرصين وثعبان يلقف الراحة والخطى الصائبة
أقول لي وإني لناصح امين
لاتثق بشوارع القصيدة
لا تتبعها ولا تدخل جهاتها
لا تنشغل بحطب اللغة والعصافير الباهضة الوقت
أفتح اسمك
وقل لها أدخلي رائحتي وأسراري
أدخلي مفاتني
وكلي رغدا من عنب الروح
عندها فقط
سيصغي العالم لنبضك
وتغدو القصيدة
نبوة
ووردة
ورصاصة
تشعل كل حجارة الأرض قوافيا وأزهارا