ما كنت مبتدِئً في مدحه غزلاً

محمدٌ يا رسول الله ذا قلمي = والورْقُ روحي له والحبرُ سيلُ دمي

كيف البلوغ لمن آياته خلقٌ = أعلى ومشكاةُ نورٍ للهدى التممِ

كفّاي تكتبُ ما زالت وانْ وهنتْ = منذ الطفولةِ حتّى يوم مختتمي

أسعى إليه بقلبٍ ضمّ مرقده = وإنْ تجمّدْ دمُ الأقدامِ بالورمِ

يا ليت خدّي على المثوى أعفّره = بتربةِ النورِ ذات الطيبِ والنسمِ

لست المغالي بمدحٍ حين أوصفه = ولا المبالغ في الميْزاتِ والشيمِ

يا صاحب الحوضِ كلّ الخلق بات ظمي = والماء توردُ سلسالاً لكلّ فمِ

ياليت حظّي عظيم حين تسقيني = من كفك الماءَ مُشفي غلّة النسمِ

لم يُؤذ مثلكَ من اقوامهمْ رسلٌ = حتّى انتصرت فلم تحفلْ لمنتقمِ

وحدّتهم بكتابِ الله مُعتَصماً = فكان خيرَ هُدىً في خيرِ مُعتصمِ

بالدينِ ناظرَ عقلاً ليس عاطفةً = تبّاً لعقلٍ مع المعقولِ مُختصِمِ

فلا عبوديّةٌ في الدينِ أو سفه = بل نهجُ حرّيةٍ محفوظة العصمِ

هو الشفيعُ وكلّ الخلقِ ناظرةً = منه الشفاعةَ يومَ النطقِ بالحُكمِ

المؤمنون بوجه مشرقٍ بهجٍ = والكافرون بوجهٍ عابسٍ دَهَمِ

يكفي إليه انتسابي حين أذكره = كذاكرٍ بهيامِ الوجدِ ملتحمِ

ينُجيك ربّك بالتسبيحِ من فزعٍ = كما ابن متّى نجا من بطنِ مُلتقمِ

لا تأمننّ لقومٍ صدقهم كذب = حتّى وإنْ اظهروا وجهاً بمتسمِ

ما كلّ جرحٍ علا الابدانَ يؤلمها = لا يؤلم الجرحُ مثل الجرحِ بالأدمِ

لا تقدمنّ إلى وغْدٍ بمعذرةِ = لن يقبلَ العذرَ إلاّ صاحبُ الشيمِ

ماتت عروشٌ وحكامٌ وما حكموا = لم يبق قبراً لهم أو رسمَ مرتسمِ

جسمٌ وملكٌ وبالٌ بالحيا طَمِعٌ = لم يُبقِ منها الردى شيءً سوى الرممِ

لا ينفعُ المرءَ لا مالٌ ولا حسبٌ = يوم الحسابِ ولا تبيانة الندمِ

يا ويلتاه على نفسي بما كسبتْ = حتّى قضمتُ بها الكفينِ من ندمي