كان كلما رآها ارتجف قلبه في صدره0رفرف بين أضلعه كعصفور حبيس0وحامت فوق رأسه طيور السعادة0تلك الفتاة السمراء الرقيقة0مليحة الوجه0سوداء الشعر0ناعمته0دقيقة الملامح رقيقة المشاعر0عيناها شطرا بيت شعر في قصيدة حب0تمشى علي الأرض همسا0كلاعبة "باليه" كنسمة ندية في يوم قائظ0 "دقيقة الأنامل0مخملية الأهداب0ترخيهما فوق بيت الشعر فيزداد جبينها الوضاء جمالا ويشع نورا يجعل محياها مأتلقا كشمس فجر خرجت لتوها من وراء حجب الليل0

انقلب حاله منذ أن جاورته في السكن0تستيقظ مبكرة كل صباح تسبق أشعة الشمس الناهضة قبل أن تمزق عتمة الفجر0مع زقزقة العصافير0تخرج الى شرفتها كملاك هبط لتوه من السماء0تنثر بسماتها علي الزهور والطيور0تبلل بندى أناملها الحنون وريقات زهورها0تلقي برموش عينيها تحية الصباح علي طيورها ثم تنطلق إلي عملها0

هام بها حبا0قرر أن يبوح به لها0وفي يوم سعيد تقابلت نظراتهما0تبادلا الابتسام والتحية فيما بين الشرفتين0وما أن جلس فوق كرسيه ايسترد أنفاسه المبعثرة في فضاء غرفته حتى تسلل صوت "أم كلثوم" الجميل وهى تشدو : (القلب يعشق كل جميل)0أسعدته كلمات الأغنية التي انفلتت من بين "شيش" باب شرفتها إلي قلبه مباشرة0استقرت في حجراته الأربع0هب الى حيث جهاز "الكاسيت" وضع شريطا انطلق بعده صوت "فريد" يقول (قلبي ومفتاحه دول ملك إيديك0ومساه وصباحه بيسألنى عليك)"0

في يوم إجازتها التالية استيقظ علي أغنية "محرم فؤاد (تعب القلوب يا اهل الله) رد عليها بأغنيته (قلبي إللي خدتيه رجعيه) أجابت بصوت "نجاة" (قلبك راح فين) فرد بصوت "عبد الوهاب" (القلب يا ما انتظر)0سأل عن عملها فعرف أنها طبيبة0تخصصها الدقيق هو القلب0تبادل المطربون والمطربات عبر الفراغ الفاصل بين شرفتيهما العديد من أغاني القلب في الأيام التالية0

انطبعت صورة وجهها المليح المشرق في قلبه0لم يعد يطيق الانتظار0قرر أن يذهب اليها0ويخبرها بما في قلبه0بعد أن أخبرته نبضاته أنها تبادله الشعور ذاته0وعندما دخل حجرتها في المستشفي لينتظرها كانت "نازك" في الركن البعيد الهادى من الغرفة تهمس (كل دقة ف قلبي بتسلم عليك)0استجمع قواه عندما أقبلت من بعيد0تلعثم0أمسكت كل كلمة أراد أن يخرجها من بين شفتيه بتلابيب الأخري0تزاحمت الكلمات داخل فمه وعندما أخبره صمتها برضاها قفز قلبه في قفص صدره فرحا وغاب عن وعيه0

عندما أفاق وجد يداها الحانيتان تحتضنان كف يده0تسكبان فيه إجابتها عن سؤال أرقه كثيرا0نعم0السمراء تحبه كما يحبها0تنهد فرحا0ابتلع رضاب السعادة الذي حل محل الكلمات المزدحمة0أزالت سلك جهاز رسم القلب من فوق صدره وذراعيه0انطلقت سعادتها من وجهها كطيور حبيسة ترك لها باب قفصها مفتوحا0أمسكت بورقة رسم القلب الذي أجرته له وهى تطير فرحا0أخفتها وراء ظهرها وهي تداعبه0طلب منها أن تطمئنه علي حبه و00قلبه0لم تنبس ببنت شفة لكنها وضعتها أمام عينيه ليطمئن بنفسه0لم تكن نتيجة الرسم مجموعة منحنيات وخطوط كالمعتاد0كانت لوحة تحمل صورة وجهها المليح0