اللهُ يَعلَمُ أَنَّني ما خُنتُها
حَتّى وَإِن أَخطَأتُ أَو حُمقٌ بَدى
إِنّي عَجَزتُ عَنِ النَّجاةِ بِحُبِّها
وَعَجَزتُ حَتّى أَن أَكونَ مُحَمَّدا
وَلَقَد أَفَضتُ عَلى الجُفونِ مَدامِعي
كَالزَّهرَةِ الفَيحاءِ عَانَقها النَّدى
وَبَعَثتُ في كُلِّ النَّواحي لَوعَتي
وَحَمَلتُ بُؤساً لا يُحيطُ بِهِ مَدى
شَتّانَ بَينَ مُحَمَّدٍ وَمُذَمَّمٍ
فَأَنا المُذَمَّمُ مُستَحِقٌ لِلرَّدى
الأَمسُ يَخشي أَن أَعودَ وَقَد بَلى
وَأَرى المَهابَةَ أَرهَبَت قَسراً غَدا
أَظَنَنتَ أَنَّ الحُبَّ يَنفَعُ وَحدَهُ
فَرَفَلتَ في أَثوابِهِ كَي تُحمَدا
أَفعىً سَعَت بَينَ الخَليلِ وَخِلِّهِ
رَقطاءُ تُصدِرُهُ جَحيماً موقَدا
وَالحَيَّةُ النَّكراءُ تَرسُمُ ضَعفَها
وَأَنا عَلى جَهلي مَدَدتُ لَها يَدا
يا وَيحَكُم كَم فَرَّقَت مِن صُحبَةٍ؟
يا قَومُ هَل مِن مُصلِحٍ ما أُفسِدا
هَذا جَزاءُ المُحسِنينَ تَأَوُّهٌ
وَالظّالِمُ الباغي أَراهُ استَأسَدا
الحَاسِدُونَ، إِلي الوَقيعَةِ سُجَّدا
وَالسّاجِدونَ إِلى الضَّغينَةِ، حُسَّدا
وَأَنا عَلى بابِ الحَقيقَةِ عاكِفٌ
وَالبابُ مِن شُؤمِ الوَقيعَةِ أُوصِدا
وَالشَّوقُ يَلعَنُ ما يَرى مِن ضَعفِنا
وَالحُبُّ في رَحِمِ المَآسي بُدِّدا
وَالأَحمَقُ المُشتاقُ يَجهَلُ كَيدَها
لَمّا قَضى فيها بِعَدلٍ قُيِّدا
وَالنَّجمَةُ البَيضاءُ تَرمُقُني وَلا
تَحنو عَلَىَّ وَصابَها غَيُّ وَدا
يا فِتنَةَ الأَقرانِ لا تَتَعَجَّلي
فَلَقَد يَضيعُ الحَقُّ بَينَكُما سُدى
البُلبُلُ المَكسورُ، يَشكوكُم إِلى
مَن لا يَنامُ، أَلا تَراهُ مُشَرَّدا
العَفو لا يَرجوهُ إِلّا عاصِياً
وَالبِرُّ لا يُبديهِ إِلّا أَمجَدا
أَنتَ الأَبَرُّ لَقَد عَلِمتُكَ فَاستَجِب
وَدَعِ الكَذوبَ المُستَكينَ الأَمرَدا
وَأَنا الَّذي تَرَكَ الَّتي مادَت بِنا
وَتَبَرَّجَت وَالغَدرُ فيها أَنكَدا
أَوَتُؤثِرُ السُّفلى بِزَعمِ صَداقَةٍ
وَالصِّدقُ يَبكي إِذ تَلَقَّفَهُ العِدا
لَولا المُروءَةُ وَالحَيا لَفَضَحتُها
وَجَعَلتُها مَأسورَةً تَرجو الفِدا
أَخفَت مَلامِحَها لِيُؤمَنَ مَكرُها
وَبَدى وَراءَ السِّترِ قَلباً أَسوَدا
ضَلَّت ضَلالَ الخائِنينَ فَبِئسَ ما
قالَت فَأَلبَسَتِ الضَّلالَةَ بِالهُدى
حَسبي إِلَهي يَعلَمُ السِّرَ الَّذي
أُخفيهِ حَتّى أَستَعيدَ مُحَمَّدا