رسالة من قاع الدستِ


قديماً كانت سيدتي
تحترفُ الصمتَ
بلطفٍ تتحدثُ ...
تُصغي
ذابلةَََ الطرفِ
بخجلٍ كالأطفالِ تنام

لكن من عشرِ سنينِ
أضحتْ مولاتي
تخرجُ عاريةً
بل تهوى الرقصَ على الأنغام

وتحبُ السيرَ على الطرقات
وتزور الحاناتِ السيئةِ السمعة
حافيةََ القِدمين بلا مبدأ
تَمَشّيّ
تتسكع
مبديةًً ثدييها علناً
كاشفةًً سرتها
أضحتْ عابثةً
فاحتجَ لدّيَ الرأيُ العام

فسألتُ أطباءَ النفسِ فقالوا :
أنّ السيدةَ الأولى عاشقةً عابثة
استشرى فيها العُهرُ
وفاسدة التكوينِ بِرُمْتِها

فقلتُ : لأصبر سنةً
فلعلَ الأيامُ تُربيها
فتثوبُ لرشدٍ يوماً
فلزمتُ الصمتَ بذلٍ عدةَ أعوام

فازدادت عبثاً
حتى أعطتها الأممُ المتحدة
من شدةِ إعجابِ الناسِ بفخذيها
"مليون وسام"

أضحتْ لاهيةً تمتهن الغنجَ
تحبُ التصوير الفاضح
تهيمُ بموجِ البحرِ " بمايوهٍ" شفافٍ
تحبُ الحفلاتَ الحمراء
بعينيها تأكل
وبنهمٍ تنظرُ
تسرقُ أشيائي
تسكر في كلِ الأوقات
يعني :
عولمةًً! "وأمورُ تشاتْ" !

تحبُ القططَ الذابلة الطرف
تُمَرِغُ شرفي في الوحلِ
تمادتْ
أدمنها قادةُ أجْهزتي
بل أغوتْ حتى الحكام

من فرطِ إباحيتها
قالت عنها صحفٌ
... مشهورة جداً
فاتنة
تملكُ من فرطِ حلاوتها
أحلىَ الأجسام

تتعرى وقت تشاءُ
فتُبدي عورتها
لا فرقَ تُريها للناسِ جميعاً
من خلفٍ أو قدام

في أي مكانٍ تتصيدُ
... عُشاقاً سكرى
أنذالاً
وبغالاً
في العهرِ تربتْ
... فازدِدتُ ضِرام

أضحت سيدتي : مهزلةً
فكفاني ذلاً
وعقدتُ العزمَ على ذلكَ سراً
فقلتُ لنفسي : أتْرُكها ؟
فرفضتُ الفكرةَ قطعاً
بعدَ التفكير بضيعتها
قلتُ : ... حرام

فقلتُ إليها :
مولاتي كفي عن هذا العبثِ الماجنِ
قالت : تحلمُ وأضافتْ :
ما قلتَ حبيبي معذرةً ?
أسْمِعنِي !
كرر ما قلت حبيبي
أجنونٌ هذا ؟ أفْهِمْنِي !
"عيني يا عيني"
يُصِدرُ أحكام

امرأة مثلي حُلوة
بشفاهٍ حُمرٍ وردية
عالمةُ بالرقصِ الشرقي
... بلغةٍ شرقية طبعاً
فترفرفُُ فيّ الأعلام

دعني أتحررُ من قيدي
يكفيني حبساً وإهانة
عُريِّ ... بالعربي
... يعني لي : حرية
مجداً وتَقَدُم وحضارة
فحياتكُ ظلمٌ وظلام

آراؤكَ ... سكتت
قالت : متخلف أنتَ ؟
رجْعِيٌ كنتَ ولا زلتَ
من وجهةِ نظري المحضة
آراؤكَ
صرختْ في وجهي قائلةًً :
... مجردُ أوهام

حرة !
أشيائي أفعلُ فيها : كيفَ أشاءُ !
وحينَ أشاءُ !
... ولدتني أمي حرة
أصحيحٌ ذلكَ ؟ سألتْ
أومأتُ إليها بالنَعَمِِ فقالت :
أخبرني الآنَ ... فكيف ألام ؟

مجنونٌ أنتَ حبيبي
حتى تأمرني
أُغربْ عن وجهي
دعني لأمتّعُ نفسي بسلام

فقلتُ لها :
من أينَ تعلمتِ هذا العبثُ
ونلكَ الأجوبةُ السمجةُ قالت :
ما دخلكُ أنتَ لتسألَ ؟
وبغيظٍ صاحت :
... شطارة
إبداع
... حريةُ فكرٍ
عولمة وحي ... إلهام

وخرجتْ للشارعِ كالعادة
... والناس تُغذِ السير معَ الأحلام

ونِمتُ
فأرقني الأمرُ
ففكرتُ بسكينِ المطبخِ مرة
بل عِدةُ مراتٍ
فكرتُ بحربٍ أهلية
بلغةٍ دموية
والأمرُ خطيرٌ جدُ خطير
أو يعقلُ هذا ؟
يا عالم ذلكَ فعلاً أجرام

قررتُ الآتي
بعدَ التفكير بشدة :
من قاعِ الدستِ كتبتُ
... رسالةََ تهديدٍ ووعيدٍ
... ساخنةً جداً
بحبرٍ دمويٍ أحمر :
في السطر الأولِ ... إعدام !

أما في السطرِ الثاني والثالث
فكتبتُ الآتي :
إنّ الأوطان لها حُرمة
والشعبُ لهُ صبر ينفذ
سيحرقُ أخضرنا واليابسُ حتماً
فإمّا العودةَ
... للعهدِ السابقِ فوراً
وإما التنفيذُ
... وأضفتُ كلام

وبعدَ دقائقَ
أيقظني حرُ الشمسِِ
فقمتُ وبالي منهك
من فرطِ السيرِ
... مع الزمنِ القادمِ
"عولمة" عبرَ الأيام .




من ديوان : تراتيل وطنية .




أبو عبد الله
د.خليل انشاصي .
غزة / فلسطين .



ملاحظة :
حبذا لو قامت أحدى العضوات أو الأعضاء المحترمين رعاهم بتنسيق القصيدة بشكل جيد ، أمون شاكراً له أو لها على الدوام ، لعدم مقدرتي على التنسيق لنسيان الطريقة المتبعة .