نار الحبيبة
***
شعر
صبري الصبري

صبوا على نار الحبية ماءَ
لا تسكبوا البنزين والأهواءَ
لا تشعلوها بالمفاسد إنها
أمست تواصل بالأنين بكاءَ
وتقول مهلا يا أحبائي متى
كنتم بأرضٍ للإخا أعداءَ ؟!
إني أطالع بالوجوم بدمعتي
وبحسرتي وبلهفتي أبناءَ
كانوا جميعا فاستبدوا بالمرا
وتفرقوا وتجزءوا أجزاءَ
وتشتتوا بعد ائتلاف أشهروا
سيفا يمزق جمعهم أشلاءَ
وتترسوا خلف المتاريس التي
ضمت سلاحا مشهرا وبلاءَ
ماذا جرى للشعب عانى فجأة
في ثورة كانت له الأدواءَ ؟!
ولت سعادتنا وحلَّ بقلبنا
همٌّ يمزق بالجوى الأحشاءَ
أبمصر هذا الإنقسام وقد مضى
دهر طويل بالصفا تتراءى ؟!
من عصر (مينا) باتحاد صفوفنا
في مصر نسكن بالوفاق إخاءَ
والعز والأمجاد تجمع شعبنا
بمحبة تسقي الفؤاد صفاءَ
والنيل يجري بالعذوبة ضاحكا
يروي الجموع ملاحة وذكاءَ
والشعب يشرب سلسبيلا طاهرا
ويضم من رغد النعيم غذاءَ
ويعيش عيشا طيبا مسترسلا
يغشى المروج وجنة خضراءَ
حتى انتهينا للشقاق فشقنا
وأحال عيش الآمنين شقاءَ
وتوجه الأحباب وجهة بغضهم
حتى أسالوا بالدروب دماءَ
هي نبض شعب واحد بهمومه
عانى افتتانا عاجلا ودهاءَ
(قابيل) أقبل بالهلاك لصنوه
(هابيل) لاقى بالطعون فناءَ
بأخوة ضاعت بلغو جدالنا
مَنْ سوف يسكت للقصاص نداءَ ؟!
من سوف يرأب صدعنا وجدارنا
يحتاج من فرط الثقوب بناءَ ؟!
ويروم من كل الجهات دعائما
بالخوف نادى بالخلا البنَّاءَ
وفخامة البنَّاء يلهو بينهم
بشوارع قد جمعت فرقاءَ
وتداخلت أصوات بلوانا نمى
فيها التشتت بالخراب نماءَ
بنفورنا صرنا هباء واهنا
يا ويحنا صار الجميع هباءَ
قد كان فخر العالمين بمصرنا
صرنا نلاقي بالعيون رثاءَ
بالحزن بالإشفاق بتنا نرتجي
منهم لرب العالمين دعاءَ
ليعم مصر بأمنه وبلطفه
يعطي الحبيبة من سناه عطاءَ
من كان يعشق مصرنا من أهلها
ينهي اقتتالا بيننا إنهاءَ
ويكون بردا ذا سلام موقنا
أن التقاتل يجلب الإعماءَ
وتسود فيه المهلكات صفوفنا
تلقى الطعون تواجه الإدماءَ
يا شعب مصر ألا اتفقت بحكمة
تأتي توصِّف للجراح دواءَ ؟!
طالت بنا الأوجاع تترا بيننا
تمضي لتزرع بالحقول خواءَ
وتراجع الإنتاج ولى ربحنا
والخير ولى واسألوا الفقراءَ !
جاعت بطون ترتجي إشباعها
ترجو لبرد بالشتاء كساءَ
والناس ملت من كلام فارغ
يزداد إفكا صارخا ومراءَ
أين الكرام العاقلون برشدهم
يزهو يحقق بالوئام لقاءَ ؟!
أشتاق مصر بأمنها وسلامها
أشتاق فيها بالسرور رخاءَ
أشتاق صفحة نيلها في قارب
غنى لها ناي الغرام غناءَ
أشتاق نزهة ريفها وحقولها
خيراتها عمت بها الأنحاءَ
أشتاق طيبة أهلها بقلوبهم
تحوي بطهر المؤمنين نقاءَ
وأحبها حبا تخلل مهجتي
يبدو بشعري ناصعا وضَّاءَ
يروي رواية عشقها وغرامها
لمن استقر بأرضها أو جاءَ
أو راح يهدي بالحنين لأرضها
شعرا يواكب بالثنا الشعراءَ
أو رام منها لمحة مصرية
مبرورة ميمونة فيحاءَ
أو قال عنها جملة درية
تزدان حسنا ساطعا وضياءَ
أو خط فيها بالسطور مقالة
تسدي لمصر هيامه إسداءَ
أو خص بالشدو العليل جميلة
رقراقة معشوقة حسناءَ !
نار الحبيبة تستحث جهودنا
كيما نصب على الجحيم الماءَ !