خسرت الرهان



حَزينٌ أَنا يا حَبيبي

حَزينْ،

وأَرْشِفُ منْ شَفتيْكَ

كُؤوسَ العَذابِ،

وأَرْوِي جِراحي

بغَدْرِ السّنينْ؛

وأُدْركُ أنّي

أَمامَكَ عارٍ،

بغَيْر سِلاحٍ

بغير يَقينْ.



ولكِنّني يا حَبيبي

إذا ما ضَمَمْتُكَ أَشْعُرُ أنّي

مَلكْتُ النّجومَ، ملكت الغيوم، ملكت النّعيمَ، ملكت الجِنانْ،

وأنّي اخْتَرقْتُ حُدودَ المَدى والزّمانْ،

وأنّي أَميرٌ على عَرْشِ حُبّكَ،

ذُو صَوْلَجَانْ؛



فيَخْفِقُ قَلْبي بنَبْضِ الحَنانْ،

ويَمْلأُ نَفْسي

شُعورُ الرّضى والأَمانْ.



ولكنْ حَبيبي

حبيبي،

أَعودُ لِنفْسي

أعود لِنحْسي،

فأُدْرِكُ أنّ الحَياةَ امْتِحانْ،

وأنّي دخَلْتُ بِحارَ الهَوى كيْ أُهانْ؛



وأَعْرفُ أَنّي

علَى بابِ حبّك يومًا،

خسِرتُ الرِّهانْ؛

وأنّي

حبيبي

حبيبي،

وجَدْتُكَ .. بعْد فَواتِ الأَوانْ،

وبعْد انْطِفاءِ الشّموعِ

وبعدَ انْتِحارِ الكَمانْ،

وأعْرفُ أنّ الطّريقَ إِليكَ سَيُفْضي

إلى اللاّمَكانْ.



حبيبي الْتَقَيْنَا

حبيبي الْتَقَتْ قُبْلة النّار في شَفَتَيْنا،

بِمِلْح التّرابِ

وعِطْرِ الوُرودْ.



حبيبي انْتَشَيْنَا،

ولوْ بالعَذابِ

على الرّغْم منْ صَرخةٍ في الوُجودْ؛

وكانتْ يديّ

حبيبي

مُصَفّدَةً بالقُيودْ،

وما حَلّ عيد المُنى والوُرود

لأُهْديكَ فيهِ

ولَوْ باقَةً منْ زُهورٍ،

ولَوْ غَيْمَةً منْ وُعودْ.



فنَحْنُ الْتَقَيْنا

حبيبي

بِلا مَوْعدٍ في طَريقٍ طوِيلْ،

ونحنُ انْغَمَسْنَا

معَ المُسْتَحيلْ،

ونحن انْخَدَعْنَا

بهَذا الزّمانِ البَخيلْ؛



حبيبي..

حبيبي.. انْتَهى كُلّ شَيْءٍ،

"وماتَ الكَلامُ الجَميلْ"



ونحن التَقَيْنَا

على موْجَةٍ منْ سَرابْ،

وخُضْنَا بِحارًا

وخضنا غِمارًا

معًا يا حبيبي،

برَغْمِ الرّياحِ

برغم الضّبابْ،

ولكنّ وجْهَكَ هَذا الحَبيبْ،

تَبَدّى قليلاً.. قَليلاً وغَابْ،

ولَمْ يَبْقَ في البَحر غَيرُ المَحارِ

وغيرُ العُبَابْ.



وفي لَحْظَةٍ منْ ذُهولٍ

حبيبي انْتَهى كُلّ هذا السّرابْ،

وماتَ عَلى شَفَتَيْكَ الزّمانْ،

فأيْقَنْتُ أُنّ المَسَافَة بيْني وبيْنكَ:

كُنَّا وكانْ.

وأنّي حبيبي

وجَدْتُكَ..

بعْد فَوات الأَوانْ،

وأنّي بِبَحْرِ هَواكَ،

حبيبي

خسِرْتُ..

خسِرتُ الرّهانْ…