أما يكفيك سيدتي

بأني مذْ رَشَفْتُ الحب من عينيكِ ذاتَ مساءْ،

وغُصت بعالم الأشواق،والأحزان والأنواءْ،

فهمتُ حقيقة الأشياءْ..

فهمت بأنَّ كلّ عصور أزمنتي،

بلا عينيك فصل شتاءْ؛

وأنّ الفُلْك لولاكِ

مدارات بغيرِ فضاءْ؛

وأنّ كتاب أيّامي،

بعيدا عنك سيدتي،

مزيجٌ من أسًى وبكاءْ.



شعرتُ بضعف تجربتي

أمامَ الحب سيدتي،

وقبلك كنتُ منه بَرَاءْ.

وكنتُ أظنّ سيدتي،

بأنّ الحب إسرافٌ، وإسفافٌ وإدمانٌ

ومحضُ هراءْ…

وأن العشق إذلالٌ، وإجحافٌ وبهتانٌ

وكيدُ نساءْ…



أما يكفيك سيدتي

بأني خضت تجربتي

مع الإبحارْ؟

وَجُبْتُ عواصمَ الدُّنْيا

بغير فنارْ؟

وعدت إليك سيدتي،

رمتني نحوك الأقدارْ.



أما يكفيك سيدتي،

نزعت جميع أسلحتي

وأقنعتي؟

منحتكِ كلّ أوسمتي،

وَهبْتك عرش مملكتي

وصرت أغارْ.



وقبلك كان يَعْصِمُنِي

ويحجبني

عن الأشواق ألفُ جدارْ

وقبلك كنتُ سيدتي

شديد البأْسِ والإصرارْ؛

بسطْت حدود سيطرتي

بكل رُبوع مملكتي،

على الإحساس والوجدان والأفكارْ.

حظرتُ الحب والتِّجْوال سيدتي،

بنصف قرارْ،

منعت البوحَ بالأسرارْ،

قمعت الحرف سيدتي،

حظرت قراءة الأشعارْ.



وكاد الصمت سيدتي

يسود ربوع مملكتي،

نسفت لدولة العشاق كل شعارْ.

وذات نهارْ…

رشفْتُ العشق من عينيك ذات نهارْ،

وذقت الحب سيدتي

وذقت النارْ.



فهمت الآن سيدتي

بأن الحب كالإعصارْ؛

يزور قلوبنا الحَيْرَى

بلا إشعارْ،

ومنها يكْنسُ الأوهامَ، والأحقادَ والأوحالَ والأحجارْ…

ويمْلأُ أرضنا الجدباءَ بالدفءِ،

وبالأمطارْ؛

لتنمو فوقها الأشجارُ، والأعشاب والأزهارُ

والأنهار والأقمار والأشعارْ…


فهمت الآن سيدتي،

وذقت النار،

وأَدْتُ جميع أسئلتي

وأجوبتي،

وصرت أغارْ.