هلموا بسيفِ النقدِ والتصويبِ
عليَّ وكل اللومِ والتثريبِ
تماديتُ في حبي وشوقي ولهفتي
وأسرفتُ في وصفي وقولِ النسيبِ
وكنتُ فتىً بين الرفاقِ معرَّفاً
بصدرٍ فسيحٍ بعدَ عقلٍ لبيبِ
وذلك قلبي كانَ أبعدَ عن هوىً
دروبُ الهوى لا تلتقي بدروبي
إذا أمطرتْ حباً رفعتُ مظلةً
لأمنعهُ عن قلبيَ المقلوبِ
حفظتُ أماناتِ العبادِ ولم أزلْ
وما كنتُ خواناً برغم ِعيوبي
وأكثر مِنْ عرضٍ دعاني فصنتُهُ
ولم أمشِ أيامي بأمرٍ معيبِ
وما كنتُ في سنِّ الشبابِ مرفهاً
وما كنتُ غدارًا ولا بلعوبِ
تخرجتُ في دارِ العلومِ شربتُ مِنْ
لسانِ النبيِّ السلسلِ المصبوبِ
ومرتْ بيَ الأيامُ تترَى سعيدةً
وأخرَى وإني صابرٌ في الكروبِ
قضيتُ شباباً في السجونِ مغيباً
فما بعدتْ عني غمارُ الحروبِ
ولما تَأَتـَّي للكهولةِ حينُها
وفاضتْ بثوراتِ الربيعِ شعوبي
وقفتُ بها لم أرتجفْ لرصاصةٍ
وهبتُ حياتي للإلهِ حسيبي
قلوبُ العبادِ بين أيدي إلهها
مفاتيحها تعصى على التسبيبِ
وكم من غلامٍ في الغرامِ ومن فتىً
على أمرهِ في حبهِ مغلوبِ
سرى من حبيبي نحوَ قلبيَ حبُهُ
يدبُّ دبيباً بلْ أَرَقَّ دبيبِ
فها قد غدا قلبي أسيرًا متيماً
بكاملِ حسنٍ في مزيجٍ عجيبِ
حييٍّ تقيٍّ طاهرِ القلبِ مرهفٍ
بهيٍّ جميلٍ ذو خيالٍ رحيبِ
يهيجُ إلينا من بعيدٍ أريجُها
يغرُّ جميعَ النحلِ واليعسوبِ
فتحسبها باتتْ ليالٍ بزينةٍ
ومنقوعةً شهرًا بمسكٍ وطيبِ
بلا غرضٍ منها تميلُ وتنثني
كما ينثني وردٌ لريحٍ هبوبِ
إذا أقبلتْ نحوي أضاءتْ وأشرقتْ
وأسفرَ من بعدِ الظلامِ غروبي
ويُظْهِرُ ثقبا العينِ من تحتِ ثوبها
ضياءً تمنيتُ ازديادَ الثقوبِ
رأيتُ رموشًا كالسهامِ تشدها
وترمي بها ما تشتهي من قلوبِ
وبحرٌ من الخمرِ العتيقِ بعينها
فتغرقُ لي قلبي وتملأُ كوبي
فويحي وويحي إن بدتْ ليَ خلسةً
أناملُها من كفها المخضوبِ
إذا نطقتْ مثلُ الهديلِ كلامُها
كدوحٍ مليءٍ بالطيورِ طروبِ
أسائلُ نفسي هل من الطينِ خلقُهُ
كمثلي أنا أم قشدةٍ وحليبِ
وهل ما يضخُ القلبُ في عرقِها دمٌ
أم انسابَ فيها من غذاءِ عسيبِ
أناخَ لها قلبي و أعطى لجامَهُ
لتركبَهُ مزهوةً بالركوبِ
فقدتُ فؤادي صارَ عقلي مقيدًا
وإن كانَ قلبي قبلُ صعبَ الركوبِ
فقدْ أسرتْ لبِّي بفيضِ جمالها
وقلبيَ مفتوحٌ كأرضٍ خصيبِ
وتغرسُ من حَبٍّ لحُبٍّ فأثمرتْ
بقلبي ولكنْ أسرفتْ في الحبوبِ
وما جعلَ الرحمنُ قلبينِ للفتي
ولكنْ أرى قلبينِ عندَ حبيبي
فقلبي تخلى عن ضلوعي لأجلِهِ
فيالك من قلبٍ لديهِ ربيبِ
دخلْنَا دروبِ الحبِّ من غيرِ علمنا
إلى أين تنتهي وكيف سَتُوبي
إذا ما التقينا في الطريقِ كأننا
صبيَّان مزهوَّان وسط الدروبِ
مراهقةٌ تبدو بقربِ مراهقٍ
كعذراءَ خودٍ بضةٍ وكَعُوبِ
عقدتِ لساني في حضوركِ عاجزًا
وإ ن كنتُ معلومًا كخيرِ خطيبِ
خيالُك مرسومٌ بعقلي ومقلتي
نهاري وليلي مشيتي وركوبي
إذا ما دنا وقتُ اللقاءِ أتيتها
وخطوي كعدوٍ أو كمثلِ وثوبِ
تعالي لَعَلِّي أستريحُ بقربنا
تعالي إلى صدرِ الحبيبِ وأوبي
وبعدكِ لي سمٌ زعافٌ جرعتُهُ
فَرِقِّي لحالي في الهوى وارأُفي بي
وأغمضُ عيني والفؤادُ مؤرقٌ
يئنُ سريري الليلَ من تقليبي
حبيبي تركتَ الزادَ والماءَ مثلنا
وأخشى عليكِ بالهذالِ تذوبي
أعيشُ كأني لا أعيشُ ببعدكم
بعقليَ مخمورٍ وقلبٍ عكوبِ
وأنسيتني أحزانَ دنيا تراكمتْ
وأنسيتني صحبي وكلَّ قريبِ
وجردْتِنِي سيفي ورمحي وخنجري
دخلتُ بلا درعٍ بكلِّ حروبي
فّسُنِّي رموشَ العينِ شدي وصوبي
لقلبيَ هيا أطلقي وأصيبي
دواءُ جراحِ القلبِ في الوصلِ يرتجى
ولا يرتجى في الطبِّ والتطبيبِ
أتيتكَ مجروحَ الفؤادِ فداوه
فوصلكَ لي طبٌ وأنتَ طبيبي
وذلك قلبي قد أتاكِ مؤملا
فلا تهملي سؤلَ الفؤادِ أجيبي
أتيتك كي تُطفي ببحرك نارَهُ
فزدتِ له نارًا وزدتِ لهيبي
فباتَ فؤادي في عذابِ بعادها
عذابُ فؤادي قسمتي ونصيبي
ألا إنني أخشى الملامة في الهوى
عليها ولا أخشى جسيمَ الخطوبِ
ولم أجنِ شيئًا من ثمارِ حبيبتي
ولمْ أقتربْ منها لأمرٍ مريبِ
ولا لمْ أقلْ ما لم أقلْهُ لأنني
أخافُ من الرحمنِ فهوَ رقيبي
وأسألُهُ دومًا بأن يدنيَ اللقا
ويغفرَ زَّلاتي وكلَّ ذنوبي
[/QUOTE][/QUOTE]