|
على سفحِ شعري ضَمَّني الوَجْدُ نائيا |
هناك اعتلى قلبي ذُرَى البوحِ شاديا |
هناك انبرى سِحْرُ المساءاتِ حينما |
تجلّى السنى والبدرُ كأساً وساقيا |
هُنَالِكَ منفايَ الذي بات مُوحِشاً |
أُوافيهِ طفلاً غائمَ الخدِّ باكيا |
وآتيهِ ملءَ الجرحِ أتلو قصائدي |
تباريحَ قلبٍ يلثمُ الصبرَ داميا |
إليه انتهى معراجُ نبضي مُكَلَّلاً |
بشهقةِ صوفيٍّ تَشَظَّتْ قوافيا |
 |
نزفتُ اغتراباً فيه وازددت لوعةً |
فكم طِرْتُ بين الحرفِ والحرفِ أبتغي |
بُلوغَ ملاذٍ يَسْفَحُ الدفءَ حانيا |
على أنني ألفيتُ أفلاكَ أحرفي |
مساحاتِ حزنٍ يستبيحُ المآقيا |
تَجَوَّلْتُ في أرجائها ذات غربةٍ |
فكنتُ أبا ذرٍّ يجوبُ المنافيا |
ويمضي بهِ منفاهُ تِلْقَاءَ نفحةٍ |
من الله إذ يدعوهُ في الليلِ جاثيا |
فإن يَعْبِقِ المنفى، فثمةَ ناسكٌ |
يُرَتِّلُ ملءَ الغارِ سبعاً مثانيا |
 |
نَفَوني إلى شِعْري ولم تَكُ تُهْمَتي |
ويهوى امتطاءَ الغيمِ كي يلثمَ العُلا |
فَيَسْتَلَّ من غِمْدِ المُحالِ الأمانيا |
 |
نفوني وآمالاً غَفَتْ بين أضلعي |
وجُبْتُ بِحَارَ الوجدِ فوق قصيدةٍ |
ولولا جنون الموجِ ما كنتُ شاكيا |
ورغمَ الأسى المسفوحِ نهراً، فإنني |
تَخَطَّيتُ آلامي، وحَلَّقْتُ عاليا |
فَأَمْطَرْتُ - رغمَ الجرحِ - وابلَ بَلْسَمٍ |
همى فوق أُخدودِ المعاناةِ شافيا |
وَفَجَّرْتُ أبْياتي ينابيعَ دهشةٍ |
وأرويتُ بالشعرِ الفُراتِ الفيافيا |
كأني وشعري: غيمتانِ اسْتَماتَتَا |
سخاءً، فمهما تُمْطِرا لا تُباليا |
 |
وإني - وإن صال الجوى فيَّ عابثاً - |
لأحيى مُضِيءَ الروحِ أَخْطُبُ نَجْمَةً |
تَباهَتْ سطوعاً يَسْتَفِزُّ الدياجيا |