اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الأمين سعيدي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
شكرا على مروركم أيها الإخوة.
أردتُ أنْ أضيف هنا مقدمة الأستاذ رابحي عبد القادر:
تقديم:
الأستاذ عبد القادر رابحي
شرف كبير لي أن أقدم للقارئ هذه الباقة المتميزة من الشعر لشاعر جزائري طالما خاض غمار الكتابة وحيدا،، بعيدا عن أضواء المدينة المتلفعة ببهرج القول الزائل و مقتضيات الوصول إلى المراتب الشعرية بالطرق الرسمية و غير الرسمية.
ذلك أن الشاعر مجدوب المشراوي لم يكن من المدينة إلاّ على مرمى بيت من الشعر يصل على مسامع المتذوقين فيهللوا له. غير أنه لسبب أو لآخر بقي بعيدا في صحرائه عن هذه الأضواء، و هو قريب منها ينصت لها و يعاينها لكنه يحافظ على المسافة الفاصلة بين أن يكون شاعرا كالآخرين ينشر دواوينه و يلقي قصائده لجمهور المثقفين ، و بين أن يبقى شاعرا يعيش على سليقة الكتابة التي لا نكاد نرى لها أثرا في جل ما ينشر من دواوين..
و منذ البداية ، يخبرنا الشاعر مجدوب المشراوي عن رؤيته للكون من خلال طريقة الكتابة الموسومة بنوع من الفطرة الخالصة التي قلّما نجد مثيلتها فيما هو معروف من كتابات الشعراء الذين أتيحت لهم فرص النشر و الظهور.
و تتجلى معالم الكتابة الفطرية السليقية عند الشاعر مجدوب المشراوي فيما يقدمه من قصائد لا يخلو معظهما من صياغة خالصة للحرف الشعري يَنُـزُّ في كثير من الأحيان جمالا و حزنا و حباّ و شوقا و احتراقا و دماً.. لكنه يُصاغ بطريقة فيها كثير من براءة الطفل الشاعر الساكن بين جوانح هذا الأديب الكهل الباحث عن محطة انطلاق جديدة في كل مرة يراوده فيها حرفُ القصيد و كأنه يكتب لأول مرّة.. و كأنه، و هو الذي مارس الكتابة وحيدا حتى قبل أن يعرف للكتابة طريقا، يحاول أن يعانق الحرف لأول مرّة و يترجّاه في أن يفسح له مهلة أخرى مع كل قصيدة للوصول إلى محطة القلق الدائمة التي يحاول الوصولَ إليها معظمُ الشعراء، و هي غايتهم..
و يستقي الشاعر في هذه الباقة معظم مواضيعه ممّا تتيحه كوّة الشوق التي ينظر بها على العالم ليرى العالم بعنينين صافيتين لا تشوبهما مبادئ المثقفين الكبار و رؤاهم الفلسفية ، و لا جراحات المتخندقين في أبراج المواجهات الإيديولوجية و الفكرية فتطغى فلسفاتهم و إيديولوجياتهم على نصوصهم حتى كأنها همْ من شدّة تأزمها الفكري و ادّعاءاتها الفلسفية..
إن الشاعر مجدوب المشراوي يحاول أن يقدم لنا نصًّا خالصا للشعر ،مخلصا للكتابة، محاولا الوصول إلى ما يروق الذائقة من مكنون القول الشعري ،حتى و إن بدا من حين لآخر، في بعض قصائده أو بعض أبياتها، بعضٌ من شوائب لا يستسيغها العديد ممّن لا يستطيعون كتابة القصيدة العمودية و لا يستطيعون - من ثمة – تذوّقها..
و لعل هذا مما يجعل الشاعر قاب قوسين من الوصول إلى النص المثالي في بنيته الفكرية و الجمالية..
إن الشاعر مجدوب المشراوي يقدم لنا الحياة كما يراها هو ، و من وجهة نظر شعرية لا تأبه بما يطرحه النقد من تصانيف شكلية و عروضية تصنّف مواقف الشعراء حسب نفسية البحور الخليلية التي يكتبون بها. و لذلك فهو يبتعد –حتى لا أقول يسمو- عمّا يمكن أن يصيب النص من دعاوي جاهزة يرفعها النقاد بطاقات حمراء أو خضراء أو صفراء في وجه من يرتئون أن إحداها تليق بهذا الشاعر و الأخرى تليق بشاعر آخر و الثالثة تليق بشاعر ثالث.
إن الشاعر مجدوب المشراوي يحاول أن يكون متميّزا في نصوصه دون أن يدعي هذا التميّز، ودون أن يتفطن له أصلا. و لعل هذا من خاصية هذه النصوص كذلك. و لذلك فنحن نشعر أثناء قراءة هذه القصائد أن الشاعر لا يراهن على نفسه في الكتابة كما لا يراهن على نفسه في الموقف من آليات الكتابة و أشكالها.
و نخرج من قراءة الديوان و نحن نشعر أن ثمة مشروعا في الطريق بإمكان الشاعر أن يثمنه إلى أبعد الحدود لو أنه بقي وفيّا لنفسه في الإصغاء إلى أعماق نفسه و هي تحاول أن تتباهى بفتوحات جديدة في القراءة و من ثمة فتوحات جديدة في الكتابة و طرائق تحقيقها
المختلفة.
فهذه باقة أولى. و ستليها بقات أخرى أكثر بهاءً و جمالا في مملكة الشعر. نتمنى التوفيق و السداد. و الله من وراء القصد و هو يدي السبيل.
سعيدة في:26جويلية2008

من هنا أشهد لعبد القادر رابحي بالحيادية والجدية والأمانة النقدية فقد سبر كل أغوارك أيها الشاعر الكبير
في سطور قليلة لم يجاملك فيها بل وقف على تجربتك كما يليق بكما.. تهنئة متأخرة بصدور الديوان سعادتي كبيرة بهذه الصفحات التي أتاحت أن أكون قريبا من هذا الثالوث
الجزائري المبدع
دمتم

( مجدوب لا تتركه يقول عنك كهلا فمازال داخلك ابن العشرين العابث شعريا )
ألف قبلة