في ليلة من ليالي الصيف , خيم عليَّ الظلام , كان القمر بدراً.
وجهه الذهبي يبعث مسحة رقيقة تطفئ حرارة تشنجات الربو التي تأججت في صدري.
وتبدد سطوة الظلام الكئيب.
إمتدت نسمات عليلة , تجفف حبات العرق المنسدلة من جبيني.
حملت في طياتها رائحة طيبة , تذكرني بحبيبتي التي هجرتها , وتذكرني بنزوات الشباب.
كنت قد عاهدت نفسي أن لا أعود إليها.
بداية ؛ أنكرت حناني لعشقي القديم.
لكن الرائحة العطرية يزداد عبقها مع اشتداد هبات النسيم.
فدفعني فضولي للبحث عن مصدرها.
رأيت شبحا يشابهها.
بل إنها هي ذاتها ؛ تقف أمامي متألقة بطول قامتها , وتزهو برقتها وزينتها.
تضع يدها على خصرها النحيف.
وبدون أن تنبس ببنت شفة أسمعها مترنمة : ( إرررررررجع إلي).
لا لا فقد عاهدت نفسي ؛ لا لن أعود.
تدخل فضولي ثانية , فدنوت منها ووجدت نفسي ممسكاً ذراعها.
وبدون وعي تقدمت شفتاي نحوها , حتى شعرت بشهيقي تخالجه أنفاسها الدافئة.
ثم تداركت نفسي وتراجعت عنها.
لا لن أعود , فقد عاهدت نفسي.
درت حول نفسي , وتفقدت المكان جيداً ؛ أخشى أن يراني أحد.
ماذا لو رأتني زوجتي ؟؟
عاد إلي شيطاني , وفرض سلطانه علي.
وشعرت به يجرني من ناصيتي نحوها.
وفي غمرة أشواقي , وجدت أنفاسي تمتزج بأنفاسها الطيبة.
فانفرجت أساريري , وانشرح صدري.
ثم شعرت بدوخة خفيفة وصداع يعلو جبهتي وجنبات رأسي.
وفجأةً !.
أدركت سوء فعلتي.
ورأيت إرادتي تهوي مستسلمة تحت أقدام شهوتي.
وصار ضميري يعذبني , ويجلدني بسياط الحسرة والندم.
لقد عاهدت نفسي , واليوم أخلفت بوعدي وحنثت قسمي.
فمنذ ثلاثة أشهر عاهدت نفسي و وعدتُ زوجتي وأقسمت أغلظ الأيمان أمامها بأنني - إستجابة لنصيحة الطبيب -
لن أدخن الارجيلة.



رد مع اقتباس