كان للأزهر وهو أول جامعة في العالم تقاليده وعاداته التي تغيرت عبر القرون. وقد أخذت المحافل العلمية الحديثة في العالم كله هذه التقاليد والعادات لتصبح مظهراً أساسياً من مظاهر الحياة الجامعية كما أخذت أيضاً المحافل العامة تلك المظاهر كالقضاء.
كان شيوخ وأساتذة الأزهر يرتدون زياً خاص بهم يميزهم عن الناس فيعرفون به وقد تغير هذا الزي على مر القرون حتى استقر في العصر الحديث منذ تبعية مصر للدولة العثمانية على الزي الأزهري المعروف وهو الجبة والقفطان والعمامة ذات الزر والشال المذهب. أخذت جامعات العالم هذا الزي بعد تحريف بسيط في تصميمه ليصبح ذلك الزي الجامعي في جميع أنحاء العالم.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
زي علماء الأزهر في العصر الحديث
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الزي الجامعي لجميع جامعات العالم بعد تعديله قليلاً وتحريفه ، لاحظ زر العمامة
وكان الشال المذهب هو أيضاً من علامات الوقار والذي تمثل في الوشاح الذي يرمز لقيمة من يرتديه مثل القاضي والعالم وكذلك أصبح الوشاح من بين أشكال الأوسمة في دول العالم قاطبة.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الشال المذهب الذي يرمز للوقار والقيمة
كما كان يطلق على الأستاذ الذي يدرس بالجامع الأزهر لقب شيخ عمود إذ كان يستند بظهره على أحد أعمدة المسجد ويلتف حوله الطلبة يستمعون إليه، وإذا كان مقام الشيخ كبيراً لعلمه كان يجلس على مقعد صغير فكان يطلق عليه أستاذ كرسي ، وهي نفس الكلمة التي تطلق على كبار أساتذة الجامعات في العالم الآن Chairman
والعالمية هي كبرى الشهادات بالأزهر والتي تجيز لحاملها أن يقوم بالتدريس وتسمى الآن درجة الإجازة . وهي الآن درجة الدكتوراه في جامعات العالم. كانت هذه الشهادة وحتى الآن لا يحصل عليها الطالب لمجرد نجاحه في امتحان فيصبح من حقه الحصول عليها بل لابد من موافقة أستاذه على الدرجة ويصير حصوله عليها منحه وليس حقاً استحقه الطالب. ومن هنا أخذت جامعات العالم هذا التقليد ونفس الكلمة وهو منح الدرجة التي يوقع الأساتذة عليها. وكان الطالب في الأزهر يلزم أستاذه حتى يرى الأستاذ أن الطالب قد بلغ مستوى يؤهله للتدريس والفتوى فكان يمنحه الدرجة بعد أن يكثر الطالب من الإلحاح في ذلك ! وتجيء لحظة المنح والتي يبدي فيها الأستاذ ضيقه من هذا الإلحاح فيطلب من الطالب أن يحضر له أي ورقه ويكتب عليها أنه قرر منح الدرجة لفلان إبن فلان ويضع التاريخ والتوقيع ليلقيها عليه! ولذلك كانت شهادة العالمية بالأزهر قديماً توجد على أي ورقة قديمة أو ممزقة! أخذت جامعات العالم هذا التقليد وأصبحت ورقة الشهادة العالية يتم زخرفتها على شكل تيدو فيه قديمة أو محروقة الجوانب تمثلاً بشهادات الأزهر قديماً.
وإذا استرسلت في ذلك من تفاصيل سنجد أن نظام التدريس في الجامع الأزهر ومظاهره هي نفسها التي يأخذ بها العالم حتى الآن.
مما يجدر بالذكر وما يثير الشجن والحزن أن جامعة الأزهر التي كانت مصدراً لهذه التقليد والمظاهر قد تخلت عن معظم ذلك فتجد أن الزي الأزهري أصبح نادراً فرئيس الجامعة ومعظم أساتذة الأزهر يرتدون البدلة والكرافته والملابس الأوروبية ! وكذلك تم إلغاء مسمى أستاذ كرسي من الأزهر ومن الجامعات المصرية عموماً في نفس الوقت الذي تحتفظ به جامعات العالم. ومن المحزن أن ترى الآن بعض أساتذة الأزهر وهم يناقشون رسائل الدكتوراه يجلسون على المنصة وهم يرتدون الروب الجامعي الأسود الذي أخذته الجامعات الأجنيبية عن الزي الأزهري !! وأحياناً يرتدية الأستاذ ممن احتفظ بالزي القديم فوق القفطان!! ومن المحزن أيضاً أن ترى رجال القضاء يرتدون الروب الأسود والوشاح الغربي بدلاً من زي القاضي الشيخ بعمامته وشاله وزيه الذي بهر العالم فأخذ به.
هل يعود الأزهر يوماً كما كان دائماً منارة لجميع جامعات العالم ؟