أنشودة الإحياء

إليْكِ اشتياقُ الحُرِّ والرُّوحُ تُعرِِبُ
بأنَّ ارتقاءَ المجدِ وعرٌ ومطلبُ
وأنَّ بلوغَ الأمنياتِ معارجٌ
لها الهمَّةُ العلياءُ والعزمُ مذهبُ
وأنَّ بريقَ الفجر آتٍ تبرُّجاً
فقد دارتِ الأيَّامُ والحقُّ أشهبُ
سنونٌ عِجافٌ والحصارُ أخو الرَّدى
وشعبٌ بمرِّ القهر يحيا ويُنكبُ
وظلمٌ تردَّى والظَّلام رداؤهُ
وإنكارُ حقٍ واحتلالٌ مركَّبُ
وذاك جدارٌ يفصِلُ الرُّوحَ والعُرى
يقطِّعها أشلاءَ والقُدسُ تُغصبُ
وماتتْ حقوقٌ واسْتحالتْ كجيفةٍ
بِسِلمٍ بِنَقْعِ الذُّلِّ يَهْذي ويخطُبُ
فبعضُ بني قومي تبلَّدَ حسُّهُ
وخابتْ به الدُّنيا وبالدِّينِ يلعبُ
يُداري بني صهيونَ ينسلُّ نحوها
ويُقصي دعاةَ الحقِّّ للشَّرِّ يحطِبُ
تغرَّبَ والآمالُ فيه تفسَّختْ
يُتاجرُ بالأقداسِ للحُرِّ يشطبُ
وغَزَّةُ من سُودِ الرَََزايا تفطرَّت
وغزَّةُ من هوْلِ الدَّواهي تُعذَّبُ
تعاظمتِ الجُلَُى عليها ولاصَدَى
تصعَََّدتِ اللأواءُ والحالُ مُرعبُ
وكلُّ جحيمِ القاذفاتِ نصيبُها
وأفتكُها بالمهلكاتِ يُجرَّبُ
مذابحُ نارُ الحِقدِ فيها تَسعَّرتْ
تصيحُ المآسي والمنايا تَلهًّبُ
وترتجفُ الدُّنيا ويهتزُّ عالمٌ
برؤيةِ ذا الطغيان والشّرُّ يَجلِبُ
معالمُ هُدَّت ،والمدائن هُدِّمت
تناثرت الأشلاءُ، والجوُّ غيهبُ
وزلزتِ الأصقاعُ ،والقصف ماردٌ
يُقَهْقِهُ فوقَ الآمنين ويُرهِبُ
مجازرُ تترا والرَّّدى يتبعُ الرَّدى
وذا الحال تشييعٌ وللموت مَرْكبُ
وللخزي آذانٌ، وللعارِ أعينٌ
وللذُّلِّ أنفاسٌ ، وللصَّمت مَوْكبُ
فمحرقةٌ عظمى بغزّةَ أسفرتْ
لها الأرضُ تندى، والسَّماء تُقطِّبُ
ويشهقُ كلُّ الكونِ من هولِ ما يرى
وتبكي أحاسيسُ الزَّمانِ وتغضبُ
ومجلسنا أعمى ويُغضي سَفَاهةً
يُقادُ كما صهيونُ يُوصي ويرغبُ
أصمُّ لآمال الشُّعوبِ وأبكمٌ
يكيلُ بمكيالينِ، للحقِّ يسلبُ
وعالمنا لاهٍ وأقطابُهُ سُدىً
وذا الغربُ أفعى والأفاعيلُ عقربُ
وقِمَّةُ توحيدِ الصُّفوف تسطَّحتْ
وخابَ أمينُ القوم والجمعُ أخْيَبُ
وماثارَ فينا بالبطولةِ فارسٌ
ولا عادَ مِنَّا للحميَّةِ يَعْرُبُ
تدورُ رَحَى الأحداثِ فوقَ رؤوسنا
ومطلَبُنا سِلمٌ وللصلح نرقُبُ
ولا حِسَّ عنها ،والبيان مُؤَطَّرٌ
وغزةُ بلَْهَ القدسُ أمرٌ مُغَيَّبُ
لترفعَ شكواها إلى اللهِ ربِّها
فأيُّ حصارٍ بالعقابيل ينشَبُ
وأيُّ اجتياحٍ فاقَ كلَّ تصوُّرٍ
فلا عُرفَ تلقى، والمواثيقُ تُصلبُ
وظلمُ البرايا للبرايا جريمةٌ
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ وأغربُ
وغزّةُ تسعى للحياةِ كريمةً
وإنْ جارَتِ الدُّنيا عليها و نُوَّبُ
وغزَّةُ دارُ العزِّ تختطُّ دربَها
على العزّةِ القعساء لا دربَ أصعبُ
لِتَصْمُدَ دونَ الأرض والعرضِ هامةً
ومن يطلبِ العلياءَ لا يتهيَّبُ
هنا انداحتِ الأنوار والنَّارُ حولَها
وأشرقتِ الآيات والأمرُ أعجبُ
هنا الشُّمُّ والصِّيدُ الأُباةُ تعاهدوا
على وقْعِ نقعٍ بالرَّدى يتصبَّبُ
هنا ترتقي الهامات والمِسْك فوحُها
بسبابةِ الأبطال لمّا تأوَّبوا
هنا الهديُ باقٍ والبقيَّةُ هاهنا
كما أخبرَ المصدوقُ والحالُ يُقلبُ
هنا وقعةُ الفرقانِ بالبِشْرِِِ تنجلي
فقوسَ انتصارٍ قد رأيناهُ يخلِبُ
تجلّى على الآفاقِ فوق جبينها
بإكليلِ غارٍ والبشائرُُ تُسْكَبُ
فرغمَ الرّدى والقصفِ فاللطفُ بيّنٌ
ورغم الأسى والبأسِ فالأرضُ تحدُبُ
وتهمي عيونُ المُزْنِ والجوُّ حالكٌ
وذا البدرُ مكلومٌ وللحال يشجُبُ
وغزّةُ تُبدي بالصُّمود ملاحماً
تحارُ لها الألبابُ والغيثُ صَيِّبُ
ليشهدَ أهلُ الأرضِ ما أفْقَدَ الحِجى
فأيُّ صمودٍ بالميادينِ أهْيَبُ
وأيُّ اقتدارٍ فاقَ نارَ فُجُورهم
وأيُّ دروسٍ في الكرامةِ تُضربُ
وأيُّ سُطُورٍ بالدماء تضرَّجت
ويا روعةَ الأسفار لمّا تُخضَّبُ
كتائبُ باعتْ للإله نفوسَها
ويا هيبةَ الحُفَّاظِ لمّا تأهَّبوا
ويا عزّةَ الفُرْسانِ لمّا ترجَّلوا
وللرُّوح أهدوها،وللنَّصر قرَّبوا
فأسطورةُ الجيشِِ العتيدِ تحطَّمتْ
تبخَّرتِ الأهدافُ والأمنُ خُلَّبُ
وصورتُهُ اهتزَّت ،وبالعار لُطِّختْ
تجلى سرابُ القاعِ والقاعُ مُجدِبُ
وألقى عليه الرعب ظُلَّةَ بأسهِ
وخابَ بنو صهيون والحالُ تُنْدَبُ
سنونٌ هي الأدهى وغزّةُ للعُلا
وأنشودةُ الإحياءِ بالبذلِ تُطربُ
وسرُّ صمودِ القوم نسغُ عقيدةٍ
عليها رِباطُ الخيل والنَّارُ تُعْرِبُ
وغزّةُ عادت رغمَ عمقِِ جراحها
أشدُّ وأقوى والشَّكيمةُ أصلبُ
وللحقِّ سُلطانٌ ،وللبغيِ ظُلمةٌ
ويا روعةَ الإشراقِ والشمسُ تُرقَبُ
ويا دهشة البشرى بتمكين عصبةٍ
فمنْ رَحِمِ الأفلاكِ يُؤْذِنُ كَوْكَبُ
فطُوبى وطُوبى فالفضاءاتُ تُعرِبُ
وتُعْلِنُ أنَّ النَّصرَ ذيّاكَ أقْرَبُ
ونجمَ بني صهيون لابُدَّ آفِلٌ
وتلكَ الليالي الحالكاتُ ستغرُبُ
وما خطَّهُ الفاروقُ والعهدُ عُهْدَةٌ
وماكان في حِطِّينَ والدَّرسُ يُكتَبُ
وراياتُ توحيدٍ بها الآيُ والهُدى
وتوحيدُ راياتٍ بها الصَّدعُ يُرْأَبُ
ليفترَّ ثغرُ القُدْسِ يبدو جُمانُها
ويأتلقُ الأقصى وفينا يُرحِّبُ

ِ
د/محمد إياد العكاري
الجمعة 18/2/1430 هـ 13/2/2009م