أغنية الغريب


كم عشت أحسِنُ التّمنّي، والهروب إلى مساحات الأمل
وانتفضت؛ حين رأيت الحربة تستهدِف حلمي
وحين اقتنعت بأن المدى ؛ أوسع مما قد يدركه وهمي وظني
أو أن يسكن لحمي وجلدي، وزرقة عيني.
**
من أين كان يأتيني كل هذا الاقتدار على التّشتُّت؟
قبل أن أتنبّه أنني ما زلت رهن الأنا الممتد من وجعي إلى جزعي..
أدور في حدود الآه ..
لأدرك أن الأمنية تموت، إن لم تجد من قد يموت لأجلها .
**
كم عشت أرتكب انتظارا ، لحلم كنتُه، ولم يكُنّي
وكل ما أملك جسرا من أناي، إلى هوايَ، على رؤاك ؛
فأين أنت؟
كم عشت أعشق ظلّك الممتد من ظلّي ، والأنا بيني وبينك
شتّان بين أن أتمنّاك أخا ، وبين أن تكونه
كُنّي ؛ لأنسى أنّني من عاش مشغولا بتقدير المدى... والرهبة بابي.
آن للكلمات أن تُصبح أفقا
بعدما صار لظل أصابعي فوق كفيك فلك
شتّان بين أن أكون أخاك ؛ أو أبقى مجرد أمنية
**
كم عشت أبحث عن معنى لتجليات الوجد في قلبٍ ظلّ يختزن الرّؤى ،
خلف الرؤى طَيفٌ ؛ وسرّ يَغرُبُ في معاريج الأبد.
تُرى، ألى أي حدٍّ تمتدّ جذور انتمائي إليك ؟
وأنت ازدحام الفواصل ؛
أنت اختلاف العِبَر.
وأقولُ حِرتُ بسرّ الرّؤى ؛
وتُصِرُّ أنك واضح البوح !
شتان بين أن أتمنّاك على الدّرب نورا؛ وبين أن أراني فيك
تُرى؛ أيكفي أن أستشعر ظلك، ورائحة من وداد قديم ..
لأشهد أنّك تَنبُتُ دفئا وراء الضّلوع ؟
**
كم عشت أبحت عن هواء في المدينة ؛ وهي تذوي في خوائها اليومي .
وكم اعتصمت من دمي بدمي ، لأراك !
وكانت الخطوات تعلن زحفها اليومي في جسدي
ومدينتي تقبع خُلوا من اصابعها
والليل يعزف حيرتي صمتا ، أنينا باردا ، يُتلى ...
وتصدأ في المدى الأسفار .
قَومي ؛ ليس أمامهم برّ
وليس وراءهم بحر
جاؤوا يقتسمون الضّحى ضَجَرا
وأنا صَلَبت على الأوتار أغنية الغريب ...
أنا الغريب !
**
مُدّيني يا مدينة الظّلال بإصبع لأعزِفَ ، ووتر
شتّان بين أن أتمنّاك سكينة لقلبي ، وبين أن أستكين لديك.
كم عشت أحلم أن تصير رمال صحرائي زهورا ...
تنشر حولي ظلا أنيسا ؛
رائحة من وداد قديم ؛
ينبت لي إصبعا فوق جرحي ، فأنسى الغروب
**
لم تعشق الصحراء غير الشمس والريح الغََضوب
فكيف تَحبَلُ بالسكينة ؟
وتظل تسألني الرياح :
ترى ؛ تكون سكينة ؛ أو لا تكون ؟!!!