أفقٌ لمأساتي


أفقٌ لمأساتي وليل يرتجينا
ويد تصفِّقُ للسُّدى إذ يحتوينا
تتثاقل الأصداءُ إذ تسري على
وقع المدامع في المدى ويظلّ فينا
حيٌّ ضمير الصّوت يسكن عمقنا
وجعًا يُحيلُ جِراحَنا قهرا دفينا
ويزيدنا عزمًا دموع ثَواكِلٍ
سكبت مواجع قلبها سيلا يقينا
نحن الّذين سَمَو على أوجاعهم
ليصير جرح الشعب نورَ غَدٍ مبينا
نهدي مَصارعنا لصمتِ زماننا
لنعيد للحق الحياةَ وإن شَقينا
لتجلجل الأصواتُ يحضُنُها المدى
سدًا بكل كريهة إذ تعترينا
نقضي وتلتقم الحوادث نَزفَنا
سيلا به جُزنا الخوارقَ والسّنينا
إنّا انتصارُ عروبةٍ مهزومة
صدرا يحاذره البغاة الفاشلينا
عُدنا لينتفض الزّمان بعودنا
نصرا لدمعة أيِّمٍ عَزّت قرينا
غَذّت عروق الأرض ضَرعَ مروءةٍ
صبرا وكان العهدُ نبقى الوارثينا
ضجّت نفوسٌ والمُجاهِرُ نَزفُها
لتكن جراحي البحرَ والصّدرُ السّفينا
يا كلّ مفجوعٍ تسامت روحُهُ
للحق أُعلِنُ رحلتي شوقا ودينا
صحراءُ يا أماهُ يا مهد الصّدى
أأنا المُهاجِرُ واحتويتِ المُترفينا!
فغَدَوتِ صدرًا للظُّنونِ وحالَةً
لا صوتَ فيها للحياةِ ولا سُكونا
بَغدادُ تُذبَحُ والشَّآمُ مُؤَرَّقٌ
ويَداكِ شُلَّت والصّدى يعوي حَرونا
لو مُدّت الأيدي إليكِ لَحُمِّلت
عُذرًا هزيلا بائدا رأيا هجينا
ومرارَةً صحراءُ ما أشقاكِ إذ
أضحت شِعابُكِ مَلجاً للمُرجِفينا
وأنا المُهاجِرُ ما هَجَرتُكِ إنّما
عشقت خُطايَ لَدَيكِ روحَ الأولينا
ما هُنتُ ذا ركبي يسيرُ مؤمِّلا
يهدي الحنينُ إلى ذَراريكِ الحَنينا
بغدادُ تهدينا مدامع عُذرها
ولها نَمُدّ عُروقنا لو تَستقينا
والشّام تذخرنا مَجامع إرثها
مجدًا ونذخرها لواقعنا حُصونا
ويظل نَذرُ دمي على أعتابها
شرفًا رأيت غدي بهِ يسمو مكينا
ويظل زادي في الزمان وموردي
يا شامُ مجدك حاضني رحمًا وطينا
فخطاي ما اغتربت ولا كفّت يدي
عن هزّ باب المجد تَعصافًا ولينا
يا للمشارق كم لخطوي باركت
وأنا المُرَجّى نجدة المُستضعفينا
نورا جعلت مراكبي نحو العلا
وزكا دمي فغذا ملاذ اللائذينا
ولدى المغارب إذ ترامت خطوتي
فجرا ومولد نهضة عاشت قرونا
ونثرتُ روحَ أصالتي غرسا سما
نورا ونور الحق أعيا أن يبينا
من انقذ الدنيا سواي بنهضة
بالعزّ شِدناها وكنّا السابقينا
يا أم يا صحراءُ يا مهد الهدى
عطشى بنوكِ وأنت وِردُ الواردينا
جئناك منكوبٌ وآخر عاشقٌ
وأخوهُ مدّ يدا ولسنا قانطينا
عادت مراكبنا بغير رجائنا
إلا الحنين لنا وكنا الغارمينا
ويلوح نخلك كم يتوق عناقنا!
ويصدّنا خوف الظنونِ! ولا ظنونا !
رحماك يا صحراءُ فالتحفي صدى
نزف الألى عشقوا نداك أو اسكُنينا
زحفا وما زحف الصّحاري بدعة
كم عاش زحفك للعلا يمضي أمينا
كم كنت جامحة يَعُزُّ عِنانُها
كم كنت ترداد النّدا للساكنينا
الثأرُ ثأرك فاستمدي عزمتي
جرحي بجرحك عاصفا لن يستكينا
عدنا انتصار عروبة مخدوعة
رضيت من الغرب الخؤون لها فُتونا
عدنا نفوسا تكتسي من إرثها
شرفا وعهدا والرسالة منقذينا
سنعيد للوطن السليب حياته
ليعود إنسان الزمان بنا رزينا