سَلطَنَةٌ على وَتَرِ الجِراح شعر : صالح أحمد
يا شِـعرُ صَدِّق قَتيلَ الشَّوقِ ما كَتَبا تَنـعى الحـروفُ بريقًا خانَهُ وخَبا
صَمـتًا يُراوِدُ غَـصّاتٍ تُمَـزِّقُهُ عَن جُرحِ ذاتٍ غَدَت أسفارُها نَصَبا
ما أصعَبَ الجُرحَ إن أخـطا مَقاتِلَـنا لا يَرحَمُ الجرحُ شَهمًا في المَخاضِ كَبا
يا شِعرُ رَدِّد صدى أنّاتِ مَن سَـكَنوا ليلا تَسَـربَلَهُم لا يَحضُنُ الشُّـهُبا
ضاقَت مَذاهِـبُهُم والـدَّهرُ ذو عِلَلٍ والـوَهمُ يَخطِفُ مَن عَن ذاتِهِ اغتَرَبا
ما أهـوَنَ المَرءَ إن صارَ الفُؤادُ هَـوا هل يَرحَمُ الـدَّهرُ مَن وِجدانُهُ ذَهَبا؟
لا تَبكِني يا شِـعرُ حَرفًا لا يُعـاقِرُني معنًى ولا نَغَمٌ في الـوَجدِ ما سُـكِبا
يا شِـعرُ تكتُبُني الآهـاتُ مُرتَحِلا القلـبُ مَركَبَتي والبَحـرُ قَد صَخَبا
الشَّـوقُ يَقرِضُني ذاتَ اليَمينِ هَوًى والـصَّبرُ يَحسَـبُني من آيِهِ عَجَـبا
والحادِثاتُ مَضَت تَقتاتُ مِن جَلَـدي هَل كُنتُ مِشـعَلَها أو كُنتُها نَسَـبا؟
يا حُرقَـةَ الوَجـدِ في حالٍ يُـوَزِّعُني نـارًا على الضّيمِ أو تُرمى بهِ رَهَـبا
لا لـونَ للفـَزَعِ المنثورِ في شَـفَقي والـدّهرُ يَعجُمُني سَـهمًا وحَدَّ ضُبا
لا صِدقَ إلا الّـذي تحـياهُ أورِدَتي وكُلُّ مـا خَـبِرَتْ مُرًا ومُلـتَهِـبا
الجـرحُ كانَ لنـا وعـدًا نُعـانِقُهُ ما عاشَ مَن كانَ مِن أقـدارهِ هَـرَبا
يا شِعرُ لوِّن عَجيبَ الصّمتِ مِن ظُلَلي وانثُر بَقايايَ في الأوطـانِ ريحَ صَبا
واذكُر نِداءاتِ مَن فيـهِم مَرابِعُـنا عاشَت شُـموخًا كِفاحًا نَهضَةً وإبا
حُلـمًا وما قـامَ للأحلامِ مُنتَصِـبٌ جَلْـدٌ وعاشَ مدى الأزمانِ مُغتَرِبا
نَكْبـاتُنـا لم تَكُن إلا مَفـازِعُـنا لا يُكمِلُ الدَّربَ مَن يَمشيهِ مُضطَرِبا
يا شِـعرُ بَلِّـغ كلامي لِلأُلى نَكَصوا مَن مِن حِياضِ الرَّدى يا قَومُ ما شَرِبا؟
فاخلِصْ فُؤادَكَ لي واعزِفْ على وَتَري وَلْـنَدفِنِ الخـوفَ والأوهامَ والتَّعَبا