رَعدُ المَنافي شعر / صالح أحمد

البَحرُ بحرُكَ أغرِقني وخُذ عَطَشـي
والرّملُ رَملُكَ فادفِـن سِـرّ تَكويني
والصّـوتُ صَـوتُكَ لَوِّنّي بِأُمنِيَـتي
واغرُبْ على شَطْءِ حُـبٍّ مِن تَلاحيني
والعَصرُ عَصرُكَ فاسـبِقني إلى لُغَتي
واكتُب وَصايايَ واحرِصْ أن تُوَصّيني
هاجَت ظُنونُكَ فاسكُنّي على مَضَضٍ
لا عاصِمَ اليومَ من حُمّى شَـراييني
الضّـفّتـان على لحمي تَوافَـقتـا
نَبضُ المـواجِعِ أغـذوها وتَغـذوني
تسعى بروحِيَ! تحتَ الجِنحِ ما فَتِئَت
ريشـاتُ عُنقِكَ أُخفيـها وتُخفيني
كَفّي وكَفُّـكَ لو حُـبًا تَصافَحَـتا
كي يُشرِقَ الفجرُ من صِدقِ المضامينِ
الدّارُ داري.. لهـا فلبٌ ويَنبِضُ بي
لو جُسَّ صَخرُ الذُّرى فيها سيَحكيني
والمَجدُ جَمرٌ تَلَـوّى مِن صَدى لهبي
بَهْـرًا تَرَسّـمَ "يَرموكي" و "حِطّيني"
فكيفَ أهـوي بِروحي من مَعارِجِها
لِتَلبِـسَ العُـذرَ من عُهرِ القَـوانينِ؟
والفَجرُ ما كانَ إلا مِن تَسـابيحي
والطيرُ والصّخرُ إرنـانـًا تُجاريني
لِمَن سَـأُصغي وما في الجـوِّ من لُغَةٍ
قد تُقـنِعُ الطِّـفلَ إذ يُعنى بِِتَلقينِ؟
أبَيتُ أخرُجَ من جِلدي لِـيُعجَبَ بي
خُبثُ النّواظِرِ في عُسـفِ التَّلاوينِ
هَـوَت نُجومُكَ ما شـاءَ الظّلامُ لها
فاقـنَع ببارِقَةٍ من نـورِ عُرجـوني
عانَقتُ جُرحَـكَ واشـتاقَتهُ أورِدَتي
نَزفي وَنَزفُكَ تَحريكي وتَسـكيني
ودَدتُ لو أنَّ لحنَ الحُـبِّ مِن وَتَري
يَعلـو لـيُـبرِدَ أكبـادَ المَحازينِ
وَددتُ لو أنَّ دَفـقَ الخيرِ من كَبدي
يَغذو الجياعَ ليَزهـو دَهرَهُم دوني
فَخَـبِّرِ البَحرَ عن سِـرّي لِيَسكُنَني
رَعـدُ المَنافي غَداةَ المَوجُ يَكسوني