الشعرُ ضلّ وتاهت الأقلامُ والقلبُ منه تدفّقتْ آلامُ
فاضتْ مشاعرُ ريشتي خطّتْ هوىً ومدادهُ هذي الدموعُ سِجامُ
بانتْ وبانَ القلبُ إثرَ غيابها رحلتْ وسارتْ خلفها الأحلامُ
هَجَرتْ فؤادي ألهبتْ فيّ الجوى وغدا يُؤرّقُ مقلتيّ غرامُ
ناجيتُها والروحُ هل زار الكرى عينيكِ؟بعد العشق كيف تنامُ
كُحِلتْ عيوني بالسّهاد وخافقي أضحى عليلاً مذ دهاهُ أوامُ
والمُهجةُ الحرّى تكفكفُ أدمُعاً كالودْق سالتْ والعيونُ غمامُ
لكنّهمْ عذلوا الجنان وزيّفوا للحبّ معنىً والمُتيّمَ لاموا
يا ويحهمْ قالوا حرامٌ عشقنا أتُرى جنونُ العاشقين حَرامُ؟
يا عاذلي في الحبّ حسبُكَ لا تلمْ فأنا السقيمُ المُدنفُ الهيّامُ
إنّي صريعٌ والدواءُ بقربها أو أن تجودَ بوصلها الأيّامُ
أين الحبيبة فالنوى هدّ الصّبا حاكَ النوى جرحاً لهُ إيلامُ
قدّتْ رسالةَ وجدنا يا ويحها مِن بعد أن بَصَمَ الهوى إبهامُ
سطّرتُ في الذكرى حكايةَ هائمٍ والشعرُ فاضَ وفيضهُ آلامُ
صاغ الحنينُ لها قصيداً راجياً ولغيرها لغةُ الجوى إجرامُ
إنّ البحورَ كثيرةٌ لكنني إخترتُ كاملَها به الإلمامُ
قبّلتُ فاهَ النظم مِن متفاعلن وحضنتُهُ كالطفل حين ينامُ
فالحرفُ عندي كالصغير أضمّهُ أرويه ضادي والبديعُ طعامُ
لكنّ شرذمة ً أهانتْ مجدَنا تطؤ الكرامةَ منهمُ الأقدامُ
أفلتْ شموسُ النظم خلفَ سفاهةٍ وتلحّفتْ ثوبَ الغبا أقزامُ
لكنّ بحري كالمحيط بمدّهِ هوَ كاملٌ كالبدر فيه تمامُ
وشرارةٌ ليجفّ بحري لن تفي لا لن تخلخلَ بحريَ الألغامُ
متكبّرٌ بين الحروف كنجمةٍ عذبٍ سناها والكسوفُ سقامُ
لا تستقيلُ عن الضياء لكوكبٍ وجل ٍ وفي صبح الأنام ينامُ
شعري كؤوسٌ تُذهبُ الألبابَ في أزكى المذاق وملؤهنّ مُدامُ
لكنه سيفٌ تربّصَ غافلاً لغةَ العروض وطبعهُ لوّامُ
عندي من الحرف النقيّ نقاوةٌ تطغى على أرواح مَن تعتامُ
لستُ الشويعرَ في الورى بل إنني مولى البيان بساحهِ مقدامُ
فأنا أصبتُ من البلائغ لبَّها عندي لرصع الشاعرين سهامُ
أناْ ما عجزتُ وما تفلّلَ صارمي بل إنّ هندي متنهُ صرّامُ
فأنا ربيعٌ للقصائد حاكمٌ حَكمَ الربيعُ وحُكمُهُ الإعدامُ
لا تقربنّ محارمي إنّي أنا مَن فاقَ مجدَهمُ ولي إكرامُ
إنّ العروض لراكعٌ لفصاحتي أنّى أشاءُ يُقالُ منهُ كلامُ
فاسألْ جبابرة البليغ عن الفتى تلقَ الإجابة ذا ربيعُ هُمامُ
فانقدْ خليلي إنّ شعري ساخرٌ والنقدُ في شعري ليَ استجمامُ
لا تحسبنّ بأنْ هويتُ لشاعرٍ بل إنّ شعري للخصوم لجامُ
عجبَ الفرزدقُ مِن لساني ويحهُ إنّ اللسانَ أيا أخي أقسامُ
وأنا اصطفيتُ من البلاغة حصّتي وتركتُ عظماً تنتقيه أنامُ
وهمى جريرٌ في خدود فصاحتي ومن الخدود جهنمٌ وضرامُ
قد صارَ شوقي بعد شعري هاوياً صغُرتْ لشمخ مكانتي الأعلامُ
قطّعتُ في بحر الكمال فزدتُهُ سحراً ولكنْ ليس فيه حرامُ
جُنّتْ عقولٌ كيف نلتُ الشعرَ في زمن الصِبا وتفكّرتْ أحلامُ
كلّ الكلام يذلّ تحت إمارتي عندي بكلّ محاسن ٍ إلمامُ
فحروفها مِن عن على وإلى وفي والباءُ كافٌ بعدها واللامُ
أسماؤها من كلّ لون ٍ قلتُها طلَبٌ وإعجابٌ وإستفهامُ
والجَيْبُ معْ جيب التمام حللتُهُ مِن بعد أنْ ضاقتْ لهم أرقامُ
ها قد حفرتُ لمَن تحدّى رمسَهُ فهَوَى بهِ حتى يقومَ قيامُ
يا ويلهُ يا ويله يا ويله فأنا السليلُ القاتلُ اللحّامُ
قالوا ربيعٌ قد تجاوزَ حدّهُ والحدّ محظورٌ فسُلّ حُسامُ
لكنهم لم يعلموا لم يفقهوا أنّ القصيدَ أنا له القوّامُ
إنّي عزفتُ على وتير قصيدتي فترنّمتْ مِن شدوه الأنغامُ
فاسمعْ بديعاً لم تصغهُ أناملٌ قبلي ولم تسطعْ له الحُكّامُ
مُتلألؤٌ والنورُ منه مشعشعٌ هوَ في الحلاك كأنّهُ أجرامُ
أنّى يُقالُ بأنّ شعري ناقصٌ والبحرُ هذا كاملٌ تمّامُ
لا تنصتوا لمن ادّعى بمقولةٍ أني صغيرٌ بل هوَ النمّامُ
نمّقتُ كلّ محسّناتٍ للورى والشعرُ لذ ّ لهمْ وطابَ طعامُ
أناْ لم أصلّ وراءهم بل إنني أناْ في صلاة الشاعرين إمامُ
الشعرُ عندي حِرفةٌ أتقنتُها فاشهدْ بأني عاملٌ رضّامُ
بضعٌ سنيناً بعد عشرٍ قد خلتْ أبدعتُ فيها والورى قد هاموا
إنّي ربيعٌ مِن جديدٍ قلتُها ولسوف تشهدُ مجديَ الأقوامُ
لو شئتُ ألحنتُ الحروفَ كسرتُها بدلاً لضمٍّ كيفما أعتامُ
الشعرُ مثل الحجّ يا زوّارهُ إني نويتُ ونيّتي الإحرامُ
مِن كلّ أحدابٍ تزاحمَ طُوّفٌ عجّ الحجيجُ به وضجّ زحامُ
وتسابقوا وتنافسوا وتدافعوا فإذا يُطلّ من الحجيج غلامُ
مَن ذا الذي ملكَ المعانيَ قبضة ً وتجمّعتْ في كفّه الأكوامُ
ومُعلقاتٌ قلتُها زخرفتها طوّلتُ حتى خرّت الأعلامُ
هاتِ المُعجّزَ في البيان لتلقني رُمحاً أصابَ ولم تنلهُ سهامُ
فجمعتُ محبوباً ومدحَ نفائسي وخريدتي هيَ للورى إلهامُ
مُلكّتُ عرشاً للقصائد في الهوى فكتبتُ بحراً والورى حوّامُ
ونقشتُهُ في الدّمن بعد رحيلها لمتُ الديارَ ولن يفيدَ ملامُ
وورثتُ شعراً من حضارة أمّتي بين التراث كأنّهُ أهرامُ
أعلنتُ للشعراء حرباً أُشعلتْ وعليّ في نيل العدوّ ذِمامُ
أناْ من جديدٍ أبتغي مُتحدّياً والنظمُ ساحٌ والعروضُ حِمامُ
لأقتّلنّ بمتن شعري غافلاً قَبِلَ التحدّي ظنّهُ أوهامُ
إنّي لأشعرُ شاعرٍ من بينهم طُويَ السجلّ وهامت الأقلامُ



رد مع اقتباس
