مَرارَةُ الحَقِيقَة !! ..
دَعِ التَّفَجُّعَ ؛ إِنَّ الحُزنَ سَفَّاحُ
وَ سَرِّ عَنكَ ؛ فإِنَّ الكَتَّمَ ذَبَّاحُ
وَ خَلِّ دَمعَكَ يَجرِي مِنْ مَحاجِرِهِ
لَعَلَّكَ اليَومَ مِمَّا فِيكَ تَرتاحُ
ظَنَنتَ شِعرَكَ مَحفُورًا بِأَفئِدَةٍ
مِنَ الهَواءِ ! وَ كَمْ خانَتكَ أَلواحُ
لِأَنَّكَ اختَرتَ أَرواحًا لِتَسكُنَها
وَ قَدْ نُفِيتَ , فَما آوَتكَ أَرواحُ
وَ قَدْ صَبَرتَ طَوِيلًا تَرتَجِي فَرَجًا
وَ ما لَدَيكَ - رَعاكَ اللَّهُ - مِفتاحُ
أُوذِيتَ مِنهُمْ مِرارًا , فالتَجَأتَ إِلَى
سُهدٍ تُطارِدُهُ فِي اللَّيلِ أَشباحُ
كَأَنَّ لَيلَكَ مَصلُوبٌ عَلَى وَتَدٍ
وَ ما بِلَيلِكَ غَيرَ الشِّعرِ مِصباحُ
دُمُوعُ صَحبِكَ - يا مَخدُوعُ - زائِفَةٌ
فَلا يَغُرُّكَ بِالتِّدماعِ تِمساحُ
فإِنْ شَعَرتَ بِهَذا ؛ فاكتَفَيتَ بِهِ
فَحَسبُ فَهمَكَ مِنْ ذَيَّاكَ إِلماحُ
فَلِلحَقِيقَةِ - ما اجَّاهَلتَ - نَكهَتُها
مِنَ المَرارِ - وَ ما استَنكَرتَ - أَقداحُ
يا أَيُّها العُمرُ ؛ هَلْ ما زِلتَ فِي رِئَتِي
تُثَبِّتُ الآهَ ؟ فِيما أَنتَ تَنزاحُ !
وَ هَلْ تَرَكتَ بِقَلبِي كَي تُعَذِّبَنِي
مَواجِعًا ؟ أَهلُها راحُوا وَ ما راحُوا !
مَسامُ جِسمِيَ - لا عَينايَ - مَنْ هَطَلَتْ
مِنها الدُّمُوعُ ! فَكُلُّ الجِسمِ نَوَّاحُ !
لَقَدْ تَعِبتُ وَ هَذا الجُرحُ أَنهَكَنِي
فَبُعدُ مَنْ فارَقَتْ عَينايَ جَرَّاحُ
وَ قَدْ صَمَتُّ عَلَى شِعرٍ أُكابِدُهُ
وَ ما عَلِمتُ بِأَنَّ الشِّعرَ فَضَّاحُ
ماذا فَعَلتُ لِكَي يَختانَنِي زَمَنِي ؟
وَ مَنْ لَدَيهِ لِهَذا اللُّغزِ إِيضاحُ ؟
أَنا المُحِبُّ , أَنا سِيزِيفُ صَخرَتِهِمْ
أَنا لِأَرضِهِمُ الجَرداءِ فَلَّاحُ
إِذا أَصابُوا : أَنا مَدَّاحُ ضَربَتِهِمْ
وَ إِنْ أَصابَهُمُ المَكرُوهُ : رَدَّاحُ
أَنا الحَرِيقُ , أَنا نِيرانُ مِدفَعِهِمْ
أَنا الزِّنادُ , بِشِعرِ الهَجوِ قَدَّاحُ
أَنا الجَوادُ : جَوادُ النَّصرِ - ما احتَرَبُوا
- مُخَضَّبٌ بِدِماءِ الخِصمِ ؛ ضَبَّاحُ
أَنا الأَمِيرُ , أَنا حَمَّالُ رايَتِهِمْ
لِسَيفِ شِعرِيَ فِي الأَعداءِ إِلحاحُ
أَنا الهِزَبرُ , أَنا حَجَّاجُ دَولَتِهِمْ
إِذا ثَأَرتُ , وَ إِمَّا جُدتُ جَحجاحُ
هَجِيرُ شَوقِيَ فِي الأَحشاءِ مَوقِدُهُ
وَ حَرُّ وَجدِيَ فِي الأَحناءِ لَفَّاحُ
أُحِبُّهُمْ - إِي ؛ وَ أَيمُ اللَّهِ - ما بِيَدِي
أَنَّ المُحِبَّ - بِرَغمِ الجَورِ - صَفَّاحُ
ضَعْ ضَعضَعاتِكَ عَنْ جَنبَيكَ يا كَبِدِي
فَمَعْ هُمِومِكَ دارَتْ بِالأَسَى الرَّاحُ
هِيَ الحَقِيقَةُ , لا أَرجُو لَها ثَمَنًا :
أَنا المُقِيمُ , وَ هُمْ - فِي الوُدِّ - سُيَّاحُ !