كيف أبدأ وكيف لحرفي أن يتنعم بالراحةِ المسلوبةِ من قلبهم ..
أستصعب ترجمةِ آلامهم والحسرات
كيف تهنأ عيونٌ وتبكي عيون
كيف تحترق الآه في قلب الحنان .. وكيف يصاغ السؤال في شفاههم ..
تبقى .. دماء الدمع على محاجرهم .. أنهرٌ تصب في أوردةِ قلوبهم
فتبقى براكيناً تشتعل دونما رماد ..!!
تنتظر نظرةُ عطاء لا فعل مستفهمٍ في قد يكون أو لا يكون
أصبحوا لكم كالمتسولين .. لا ترى أكفهم ممدودةً لك .. وإنما أقسم أن لو بقى لك بصيص من النظر
سترى روحاً ممدَّدةً لك أكفها تنتظر الاحتواء .. وليس فقط جزءًا من العطاء ..
أجل .. كنت بصحبةِ والدتي المتعبةْ .. وأرى تلك العجوز .. قد ابتليت بذاك المرض
لتحرم نعمت المسير ... وتبقى لعذاب التفكير ..
وكأن تلك الزاويةِ في ذاك المنزل قبراً يقول لها .. " لا تتأخرين "
.. والله كانت تبكي الدمع دم .. كنت أحسُّ بعمق الألم منها ... وأقول
آه .. تعلم أنها ستُرمي هناك كعفشٍ باليٍ .. لا أنيس ولا رحيمٍ ذا قلبٍ حنين سيمر عليها كل صباح
ستحرم .. من المسير هنا وهناك .. مقعدةٌ لا حال لها ولا قوة .. ألمٌ يعتصر القلب
عافيةٌ ما عادت في الوجود .. هو التسول بأمِّ عينيه .. وبقاءٌ بانكسار لطلب عونٍ من خادمةٍ بقرب السرير ..
ساعةٌ تطيع .. وساعاتٌ تغيب ..
لا تسألني .. إن كان لها زوار ..
لها من الأبناء .. ما يسدُّ حاجتها ولو فقدتْ نبض الحياةْ
ولكنهم كالضيوف .. زيارةٌ عمرها دقائقٌ مختومةٌ بالسلام ..
أخطُ لكم حقيقةٌ في هذه الحياةْ فهل من إدراك .. وهل من عودةٍ إلى
أحضان الحياة .. لأتذكر عندما كنت في المهاد .. من كان برفقتي ..
آن ذاك ..
لحظه .. أين بالله ستجد سعادتك .. لولا الدعاء من تلك الشفتان ..
اسمع واستمع جيداً يا ذا القلب المختوم ..!!
بني .. عمرٌ أفنيته لك وفيك .. عمرٌ قضيته ما بين بسمتك .. وراحةِ عينيك
بني .. أهانت عليك مدامعي .. أَرخصت ُفي عينيك لتتركني بين تلك اليدين ..!!!
بني .. أفلا تحتويني قليلاً كما كنت أحتويك ..
بني .. كنت أبتهج عند مبسمك .. وأتيتم عند حزنك .. فلمَ لمْ تعدْ تُحس بي ..
بني حبيبي .. ألن تأتي إلي .. فقلبي اكتسى السواد عزاءً للرحيل
فقط .. هي عيناي تطلب آخر لقاءْ ..
لا تريد سوى رأياك .. عندها سأغيب وتبقى آخر صورةٍ لي من الدنيا
أنت ..
إن كنت ذاك المنتظر .. فقم .. فإنها ملت الانتظار ..
قم وسابق الخطواتِ إليها باشتياق .. يسبقك دمعك والاعتذار .. لهفةٌ لتقبيل كفيها والقدمين ..
فقد كانت يوماً أول الملبين لك عند النداء ..