سألته الشعر فاستعصى وما رغبا
فقلت أزجيه من بعضي الذي ذهبا
فموقد النار لا يُرجى له لهبٌ
والثلج يعصر في أحداقه اللهبا
سألته الشعر لا ظلماً أريد له
وما أردت له أن يكشف الحُجُبا
أردت محض شعاراتٍ أرددها
أسوقها غضباً إن لم يكن عجبا
أجابني من صداه الصمت يزجرني
آلا وأقْسَمَ لي أنّ الشعور أبا
فرُحت عبقرَ واستجليت قافلةً
قوامها ألفُ كذابٍ وألف نَبَا
جحافلٌ من رواة الشعر موطنُهم
مليونُ قافيةٍ قد أصبحت حطبا
إن لم يكن لك سيفٌ فوق مُضْرَجةٍ
حمراء تسرق منك العين والهدبا
لا الشعر يستر عوراتٍ لذي خطلٍ
ولا الشعور يداوي منك ما اغتُصِبا
إن امرأ القيس بعضٌ من حكايته
فما ابتنى بالقوافي عرشَه الخَرِبا
ولا أقام بن زيدونٍ لذي شغفٍ
صرحاً ولم يقض من أحلامه أربا
ولا زها المتنبي في إمارته
طِلابُهُ أنبتت في إثره الشهبا
الشعر صرح خيالٍ ألف قافية
تهوي وألف خيالٍ بات منتصبا
في كل يوم لنا مليون ناحبةٍ
والشاعر الفذ في أبياته انتحبا
يغازل الشك فينا أنها قِطَفٌ
من الجنان فكم صلى وكم ركبا
وَهْنٌ من الحرف ، لا والله بوح دمى
وهم السرائر أملَيْنَ الذي كُتِبا
تنزُّ مني حروفي إذ رمت أفقي
سهماً وأدمت عواراً فيه محتجبا
يا شعر ويح الليالي رب قافية
أوليتُها من حنين النفس ما رَحُبا
فراجعتني وفي أشداقها غِيَرٌ
وما بها قد نبذتُ الهم والكربا
وأتلفتني وما شَقَّت لذي بَصَرٍ
شمساً ولا باركت منه الذي رغبا