|
ناح الحمام بليلة قمراء |
يحكي بصوت ترنم الشعراء |
يحكي حكاية والد قد هدَّه |
موت الوليد مقطع الأعضاء |
يبكي عليه تأسفا وتنَدُّمــاً |
وعلى الفؤادِ زَوابِـــعُ الأدواءِ |
أبني مالك لا تجيب ندائي |
أوما سمعت تنهدي وبكائي |
أوما سمعت نحيب أمك ساعة |
عند الأصيل وساعة الإمساء |
أوما رأيت دموع إخوتك التي |
ذَرفت دما في صَعْدةِ الأنـــواءِ |
أوما علمت بحال أهلك يوم أن |
وجدوك مدفونا بغير رداء |
قتلتك شرُّ عصابة دموية |
ملأى قلوبهم بكل وباء |
ضربوك " بالصاروخ " ضربة حاقد |
فانهد سقف البيت دون عناء |
وتساقطت تلك الصخور كأنها |
شهب تُسربِلُ قمّةَ البأســــاءِ |
كان الرضيع موسدا في مهده |
حتى توسَّد أبحرا لدماء |
قتلوك يا ولدي بأبشع صورة |
قتلوا نضارة وجهك الوضاء |
قتلوك يا ولدي ولم يرعوا هنا |
معنى الحياةِ ، وقيمةَ الأحيـــاءِ |
ما كنت في يوم بجيش أسامة |
كلا ولست بحامل لعداء |
ويداك لم تحمل سلاحا ضدهم |
كلا ولا حملت قضيب لواء |
فبأي ذنب قد قتلت بحربهم |
وصفاء قلبك لم يشب بقذاء |
وبأي حق أرخصوا أعراضنا |
وبلادنا وكرامة الفقراء |
جاءوا لأجل مصالح ومطامع |
فـي صفقـةٍ ستقود للإثراء |
حرب ضروس قد أقاموا بيننا |
فتخضبت خضراؤنا بدماء |
فهناك في أقصى الجنوب مجازر |
وهنا تفوح روائح لشواء |
سكت الأب المكلوم عن كلماته |
وبكى بكلِّ مدامِعِ البُرَحَــــاءِ |
وتساقطت قطراتها بتسلسل |
فوق الرضيع فأبرقت كضياء |
فكأن ذاك الدمع أحيا روحه |
كبراعم تحيى بقطر سماء |
فأتت جوابا عن لسان صغيره |
بزَّت بلاغة أخطب الخطباء |
أبتاه لا تبكي عليَّ تأسفا |
أنا في الجنان برفقة الشهداء |
أنا إن قتلت فإن روحيَ حلَّقت |
عند الإله بزمرة الأحياء |
ولعل في موتي يكون لأمتي |
عتقا لها من ربقة الأعداء |
ولعل في موتي تكون نهاية |
لتسلط الغوغاء والجبناء |
ولعل في موتي تكون بداية |
لحياة جيل وانسدال رخاء |
وهنا تكفكف دمع والده الذي |
وجد الكلام كبلسم لعزاء |
وهنا الحمام توقفت عن سردها |
لحكاية البوساء والضعفاء |