[gasida= font="times new roman,6,darkblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="https://www.rabitat-alwaha.net/mwaextraedit2/backgrounds/6.gif" border="double,4," type=2 line=1 align=center use=ex num="0,black""]
يا نَسْمَة ً رنّحتْ أعطافَ وادينا=قِفي نُحيِّيك أو عوجي فحيِّينا
مرَّتْ مع الصبح نَشْوَى في تكسُّرها=كأنَّما سُقِيتْ من كفِّ ساقينا
أرختْ غدائرَها أخلاطَ نافِجة ٍ=وأرسلتْ ذيلَها ورداً ونِسْرينا
كأنّها روضة ٌ في الأفقِ سابحة ٌ =تمجُّ أنفاسُ مَسْراها الرياحينا
هبَّتْ بنا من جنوبِ النيلِ ضاحكة ً =فيها من الشوقِ والآمالِ ما فينا
إنّا على العهدِ لابُعدٌ يحوِّلنا = عن الودادِ ولا الأيامُ تُنْسينا
أثرتِ يا نسمَة السودانِ لاعجة ً= وهِجْتِ عُشَّ الهَوى لوكنتِ تدرينا
وسِرْت كالحلم في أجفان غانية=ونشوة الشوق في نجوى المحبينا
ويحي على خافقٍ في الصدر محتبسٍ =يكاد يطفر شوْقاً حين تسرينا
مرّت به سنواتٌ مابها أَرَجٌ=من المُنَى فتمنّى لو تمرّينا
نبّهتِ في مصرَ قُمْريَّا بِمُعشبة ٍ=من الرياض كوجهِ البِكْر تلوينا
فراح في دَوْحِهِ والعودُ في يده=يردّد الصوتَ قُدْسيا فُيشْجينا
صوتٌ من اللّه تأليفاً وتهيئة ً=ومن حفيفِ غصونِ الروْضِ تلحينا
يَطيرُ من فَننٍ ناءٍ إلى فَنَنٍ =ويبعَثُ الشدْوَ والنجوَى أفانينا
ياشاديَ الدَوْحِ هل وعدٌ يقربُنا=من الحبيبِ فإنَّ البعدَ يُقْصينا
تشابهت نَزَعاتٌ من طبائعنا= لما التقتْ خَطَراتٌ من أمانينا
فجَاء شعريَ أنّاتٍ مُنَغَّمة ً= وجاء شعرُك غَمْرَ الدمع محزونا
شعرٌ صَدَحنا به طبعاً وموهِبَة ً= وجاشَ بالصدرِ إلهاماً وتلقينا
والنَّفْسُ إنْ لم تكنْ بالشعرِ شاعرة ً= ظنَّتْه كلَّ كلامٍ جاء موزونا
تعزّ ياطيرُ فالأيامُ مقبلة ٌ =ما أضيقَ العيشَ لو عزّ المُعَزّونا
خُذِ الحياة َ بإيمانٍ وفلسفة ٍ =فربّ شرٍّ غدا بالخيرِ مقرونا
فَكمْ وزنّا فما أجدتْ موازنة ٌ= في صَفْحة ِ الغيبِ ما يُعْي الموازينا
الكون كوَّنه الرحمنُ من قِدَمٍ =فهل تريدُ له ياطيرُ تكوينا
إن المْنَى لاتُواتى من يهيمُ بها =كالغيدِ ماهجَرتْ إلاّ الملحّينا
تبكِي وبينَ يديْكَ الزهرُ من عَجَبٍ =والأرضُ تبراً وروْضاتُ الهَوى غِينا
والماءُ يسبَحُ جْذلانَ الغديرِ إلى =منابتِ العُشْبِ يُحييها فُيحيينا
والزهرُ ينظرُ مفتوناً إلى قَبَسٍ= يُطِلُّ بين ثنايا السُحْبِ مفتونا
قد حزْتَ مُلْكَ سليمانٍ ودولَته =لكَ الرياحُ بما تختارُ يجرينا
ما أجملَ الكونَ لو صحّتْ بصائرُنا =وكيف نُبْصِرُ حُسْنَ الشيءِ باكينا
اللّه قد خلق الدنيا ليُسعدنا =ونحن نملؤُها حُزناً وتأبينا
إن جُزْتَ يوماً إلى السودانِ فارْع له= مودّة ً كصفاءِ الدرِّ مكنونا
عهدٌ له قد رَعَيْنَاهُ بأعيُنِنا =وعُرْوة ٌ قد عقدناها بأيدينا
ظِلُّ العرُوبة ِ والقرآنِ يجَمعُنا =وسَلْسَلُ النيل يُرويهم ويُروينا
أشعّ في غَلَسِ الأيام حاضرُنا =وضاء في ظُلْمة ِ التاريخِ ماضينا
مجدٌ على الدهر فاسألْ مَن تشاءُ به =عَمْراً إذا شئتَ أو إنْ شئتَ آمونا
تركتُ مِصْرَ وفي قلبي وقاطرتي =مراجلٌ بلهيبِ النار يَغْلينا
سِرْنا معاً فُبخارُ النار يدفَعُها =إلى اللقاء ونارُ الشوقِ تُزجينا
تَشقُّ جامحة ً غُلْبَ الرياضِ بنا= كالبرقِ شقَّ السحاب الحُفَّلَ الجونا
وللخمائِل في ثوب الدجَى حَذَرٌ= كأنّها تتوقَّى عينَ رائينا
كأنهنَّ العَذارَى خِفْن عاذلة ً =فما تعرّضْنَ إلاَّ حيثُ يمضينا
وللقُرَى بين أضْغاثِ الكَرَى شَبَحٌ =كالسرِّ بين حنايا الليلِ مدفونا
نستبعدُ القُرْبَ من شوقٍ ومن كَلَفٍ =ونستحث وإنْ كنَّا مُجدّينا
وكم سألْنا وفي الأفْواهِ جابَتُنا= وفي السؤالِ عَزاءٌ للمشوقينا
وكم وكم ملَّ حادينا لجاجتنا =وما علينا إذا ماملّ حادينا
حتَّى إذا مابدتْ أَسْوانُعن كَثَبٍ= غنّى بحمدِ السُّرى والليلِ سارينا
وماشجانيَّ إلاّ صوتُ باخرة ٍ =تستعجلُ الركبَ إيذانا وتأذينا
لها ترانيمُ إنْ سارتْ مُهَمْهِمَة ً =كالشعرِ يُتْبعُ بالتحريكِ تسكينا
باحُسنَها جنَّة ً في الماء سابحة ً =تلقى النَّعيمَ بها والحورَ والعينا
مرَّتْ تهادَى فأمواجٌ تُعانقها= حيناً وتلثِمُ من أذيالها حينا
والنَّخلُ قد غَيَّبتْ في اليمِّ أكثرَها =وأظهرتْ سَعَفاً أحْوَى وعُرْجونا
مالابنة ِ القَفْرِ والأمواه تسكُنُها =وهل يجاورُ ضَبُّ الحرَّة النونا
سِرْ أَيُّها النيلُ في أمْنٍ وفي دَعَة ٍ =وزادك اللّه إعزازاً وتمكينا
أنْتَ الكتابُ كتابُ الدهر أسطرُهُ =وَعَتْ حوادثَ هذا الكون تدوينا
فكم مُلوكٍ على الشَطيْنِ قد نزلوا= كانوا فراعينَ أو كانوا سلاطينا
فُنونُهم كنّ للأيام مُعْجِزة ً= وحُكمهم كان للدنيا قوانينا
مرّوا كأشرطة ِ السّيماوما تركوا =إلا حُطاماً من الذكرى يُؤَسِّينا
إنا قرأنا الليالي من عواقِبها =فصار مايُضحكُ الأغْرارَ يُبكينا
ثم انتقلنا إلى الصحراءِ تُوسِعُنا =بُعْداً ونُوسُعها صبراً وتهوينا
كأنّها أملُ المأفون أطلقهُ =فراح يخترق الأجواءَ مأفونا
والرملُ يزخرُ في هَوْلٍ وفي سَعَة ٍ= كالبحرِ يزخَرُ بالأمواجِ مشحونا
تُطلُّ من حَوْلها الكُثْبانُ ناعسة ً =يمدُدْنَ طَرْفاً كليلاً ثم يُغْفينا
وكم سَرابٍ بعيدٍ راح يخدَعُنا =فقلت حتى هُنا نلقى المُرائينا
أرضٌ من النوم والأحلام قد خُلِقتْ =فهل لها نبأُ عند ابن سيرينا
كأنما بسط الرحمنُ رُقْعتَها =من قبل أن يخلُقَ الأمواهَ والطينا
تسلَّبَتْ من حُلِيِّ النَبْتِ آنفة ً = وزُيِّنت بجلالِ اللّه تزيينا
صمْتٌ وسحرٌ وإرهابٌ وبعدُ = مدى ً ماذا تكونين قولي ما تكونينا
صحراءُ فيكِ خَبيئاً سرُّ عِزَّتِنا = فأفصحي عن مكانِ السِّر واهدينا
إنّا بنو العُربِ يا صحراءُ كم نَحتت =من صخركِ الصلْدِ أخلاقاً أوالينا
عزّوا وعزتّ بهم أخلاقُ أمّتِهم =في الأرضِ لمّا أعزّوا الْخُلقَ والدّينا
مِنَصّة ُ الحكْم زانوها ملائكة =وجَذْوَة الحرب شبّوها شياطينا
كانوا رُعاة َ جِمالٍ قبلَ نهضتِهم = وبعدها مَلأوا الآفاق تمدينا
إن كَبّرتْ بأقاصي الصين مِئْذَنة ٌ = سمعتَ في الغرب تهليلَ المصلّينَا
قف يا قِطارُ فقد أوهى تصبُّرَنا =طولُ السفارِ وقد أكْدَتْ قوافينا
وقد بدتْ صفحة ُ الْخُرْطوم مُشْرقة ً= كما تجلَّى جلالُ النورِ في سينا
جئنا إليها وفي أكبادنا ظمأٌ = يكاد يقتُلُنا لولا تلاقينا
جئنا إليها فمن دارٍ إلى وطنٍ= ومن منازِل أهلينا لأهلينا
ياساقيَ الحيِّ جدّدْ نَشْوَة ً سلفتْ =وأنت بالجَبَنَاتِ الحُمُرِ تسقينا
واصدَحْ بنونية ٍ لما هتفتُ بها= تسرّق السمع شوقي وابنُ زيدونا
وأحْكِم اللحنَ ياساقي وغنِّ لنا = إنَّا محّيوكِ يا سلمى فحيينا