لَمَّا مَرَرْتُ مَعَ رَكْبٍ أُحَادِيهِ *** سَامَتْتُ شَيْخًا جَلِيلاً كَيْ أُحَاكِيهِ
فَقَالَ: تَا اللهِ لاَ أَنْفَكُّ ذَا سَفَرٍ *** حَتَّى أُبَلَّغَ أَرْضَ اللهِ وَالتِّيهِ
أُنْظُرْ إِلَى الطَّلَلِ النَّفَّاحِ مَا فِيهِ *** وَاقْصُرْ رَحِيلَ الرَّكْبِ عَلِّيَ أَبْكِيهِ
إِنِّي رَأَيْتُ جِرَاحَ الرُّمْحِ أَهْوَنُ مِنْ *** نَأْيِ الحَبِيبِ بَعِيدًا أَوْ تَجَافِيهِ
فِي القَدِّ صَقْلٌ رَقِيقُ العُودِ صَافِيهِ *** وَالوَجْهُ سِحْرٌ جَمَالُ الكَوْنِ يَحْوِيهِ
وَالعَيْنُ بَحْرُ عُجَاجُ المَاءِ مَا فِيهِ *** فِي القَلْبِ ثَمَّ غَرِيبُ العِلْمِ تُخْفِيهِ
وَالوَصْفُ مِنِّي غَرِيبُ الوَصْفِ أُبْدِيهِ *** رَثُّ الثِّيَابِ زَهِيدُ السِّعْرِ أَجْنِيهِ
قَالَتْ: فَقِيرٌ، بِمَا أُوْتِيتُ مِنْ نِعَمٍ *** وَالسِّحْرُ مِنْهَا لَعَلِّي الْيَوْمَ أُغْوِيهِ
قَالَتْ مَقَالاً مَزِيجَ الجِدِّ وَالهَزلِ *** مِنْ قَوْلِ إِبْلِيسَ أَوْ بَعْضَ مَوَالِيهِ:
"لَوْلاَ الْمَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُلُّهُمُ" *** قُلْتُ: الْمَشَقَّةُ عِنْدِي يَوْمُ تَرْفِيهِ
"دَعِ الْمَكَارِمَ لاَ تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا" *** قُلْتُ: الْمَكَارِمَ فِعْلٌ لاَ أُعَادِيهِ
فَلْتَطْلُبِ الْعِلْمَ مِنْ مَهْدٍ إِلَى لَحدٍ *** وَاطْلُبْهُ فِي السَّهْلِ وَالأَوْعَارِ وَالتِّيهِ
دَعْ عَنْكَ لَوْمِي فَإِنِّي شَاعِرٌ ذَلِقٌ *** أُحْصِي الْقَوَافِيَ عَدًا لاَ تُضَاهِيهِ
إِنِّي رَأَيْتُ سَرِيعَ الْمَشْيِ يُسْقِطُهُ *** وَلَيْسَ يَسْقُطَ مَاشٍ فِي تَأَنِّيهِ
شكرا لمروركم