هذا الرجل ... حاكموه

هذا الرجل ... حاكموه

إن هذا المتهم الماثل أمامكم قد أفسد علينا حياتنا وألّّب علينا أبناءنا وعبيدنا ..
لقد كان سببا رئيسيًا في تنامي الروح المناهضة لقيمنا وتقاليدنا العريقة ..
كنا نعبد حكامنا ونركع ونسجد لهم وننفذ أوامرهم حرفيا
دعانا أن نرفع الرأس وألا ننحني أبدا لغير الله
وصرنا ننتقد كل تصرفاته ونعارضه ونسُبّه ونأمره فينفذ أوامرنا ..
كنا – بعض - رجال الجيش نحكم ونتحكم
أتى إلينا لأول مرة رئيسا مدنيا منتخبا
وأبعد الجيش نهائيا عن الحياة المدنية والمشهد السياسي ..
كنا – بعض - رجال الداخلية والشرطة أسيادا وكان المواطنون عبيدا لنا
نفرض الإتاوات ونغتصب الحقوق والحريات
صرنا نطبق شعارنا ونعرف حدودنا وواجباتنا ونتعامل وفق القانون ..
كنا – بعض - رجال الأعمال نسيطر على الاقتصاد ونتحكم في الأسعار والاستيراد والتصدير
ونجمع المليارات ونُعين ونُقيل الحكومات
صرنا نتحسّب ونتحسّس خطواتنا كثيرا قبل أن نقوم بأي عمل غير قانوني ..
اعتدنا أن يظل رئيسنا معنا ولايفارقنا إلا لقاء ربه ..
جاءنا من يقول أن أربع سنوات كافية للحكم على مدى صلاحية الرئيس ..
لم نكن في السابق بحاجة للذهاب لصندوق الانتخابات لإبداء رأينا واختيار ممثلينا في مجلس الشعب أو الشورى فقد كان هناك من يتولى ذلك حفاظا على راحتنا ..
أصبح علينا الوقوف لساعات أمام اللجان الانتخابية في انتظار دورنا للتصويت ..
اعتدنا أن تكون نتيجة الانتخابات والاستفتاءات أكثر من تسعين بالمائة لصالحه
أعطانا درسا في الديموقراطية وحصل على واحد وخمسين بالمائة ..
أمرناه أن يترك رئاسة الحزب الذي ينتمي إليه فامتثل طائعا ..
أمرناه ألايكون رئيس الوزراء من حزبه ففعل ..
أمرناه ألايكون له أغلبية الوزراء فلم يكن لحزبه سوى أربعة وزراء فقط ..
أمرناه ألايعين محافظا من حزبه فكان ماأردناه ..
كنا نخشى الاقتراب من أي عضو في حزب معارض
صرنا نستطيع تكوين الأحزاب بدون أي إجراءات ثم نخطرهم بتكوينها ..
كنا نخاف أن يرانا أحد نقرأ صحيفة معارضة
صرنا نُصدر الصحف بدون رقيب ثم نخطرهم بالاصدار ..

.. وقد حاولنا تقويم الرجل أكثر من مرة وبأكثر من طريقة دون جدوى
جربنا معه الترغيب بالمُلك والقوة والثراء
فماوجدنا منه غير الزهد والتعفف والإباء والكرامة ..
جربنا معه الترهيب بالفوضى وأبواق الماضي
فكان صلبا في الحق لايلين ..
لذلك فإنني :
أطالب بتوقيع أقصى عقوبة على هذا المتهم
وهي أن يستمر في الحكم لمدة الأربع سنوات كاملة
وإن ظل على عناده ورفض الانصياع للنخبة الموجودة على الساحة الإعلامية
أرى أن تُجدد له العقوبة لفترة ثانية ثم نُفرج عنه لسوء السلوك ..

عصام ميره