رسالة شاعر مجند في جيش الاحتلال إلى خطيبته
شعر: جورج جريس فرح

حبيبتي،
من بقعةِ ما ههنا،
في أرضنا "المحرَّرَةْ"
أخطُّها رسالةً
إليكِ غَيرَ عاطِرَةْ

حبيبتي،
لا تفزعي مِن لهجتي المغَيَّرَةْ
فكلُّ ما يحيطُ بي مُستَنكَرٌ كما أرى!
حجارةُ البيوتِ تبدو كالوجوهِ الساخِرَةْ
أفواهُها مفغّرَةْ
كأنّما تهمُّ أن تبتلِعَ المجنزَرَةْ!
والريحُ حَولي هادرَةْ
عاصفةٌ مزمجِرَةْ
وأعيُنُ الأطفالِ كالمصائدِ المحضَّرَةْ!

بالأمسِ يا حبيبتي
خرجتُ في مهمّتي
- مهمّتي المقرَّرَة-
وكانَ في معيَّتي...
لا أستطعُ قولَ ذا
فالبَوحُ محظورٌ هنا
والقَولُ يا ما أخطَرَهْ!
حصيلةُ القَولِ إذَن،
موجزةً مقصَّرَةْ،
أن عادتِ القوَّاتُ مِن مَيدانِها
مظفَّرَة!


حبيبتي،
يومٌ مضى،
أودُّ ألاّ أذكُرَهْ
قد عُدتُ يا حبيبتي
أجرُّ ذَيلَ خَيبَتي
مِن ذاتيَ المُقَهقَرَةْ،
هزيمتي في داخلي
بعارِها مؤَزَّرَةْ
وصورةُ الإنسانِ في قرارتي
مصدوعةٌ مكسَّرَةْ

حبيبتي،
بطولتي في الأحرُفِ المزهِّرَةْ
بالحبِّ، بالإيمانِ
بالإنسانِ في ما طَوَّرَهْ،
في كِلمَةٍ أقولها
مضيئةً معبِّرَةْ
عن صورَةِ اللهِ التي أهداكِ مِنها مِسطَرَةْ،
وقهرُ شعبِ أعزَلِ
بطولةٌ مزوَّرَةْ!

حبيبتي،
قولي لهُم،
لإخوَتي،
لقادَتي،
قولي لهُم:
يا سادَتي، لا تقتلوا الإنسانَ في الإنسانِ
كَي لا نخسرَه!

وإن أنا في خِدمَتي
تشوَّهَت هويّتي،
فلتأخذي بريشتي
ولتكتبيها قصَّتي
ولتكملي قصيدتي
فأنتِ بعدي الشاعرَةْ
وألفَ ألفَ معذرَةْ!