مرثيةُ شاعر (1)

ورأيتُني أمشي إلى شطآني
ما عاد بالإمكانِ أن أحياني

أمرٌ أحاولُ أن أفسِّرَ كُنهَهُ
في لمحةٍ قد صرتُ شيئًا ثاني

مرَّتْ حياتي في لُحيظٍ كلُّها
شيء يغادرُني ببعض ثوانِ
.
أيقنت أني قد خطوتُ إلى اللقا
يا ربّ إني مقبلٌ بجَناني
.
لملمتُ حبي واليقينَ ودمعتي
وأتيتُ أرجو جنَّةَ الرّحمنِ
.
كمْ كنتُ أخشى أن أغادرَ لحظتي
ودموع أمي تستبيح كياني
.
وأبي يرتل جرحَهُ بدموعِه
والقلبُ يحبس حزنَهُ الجوَّاني
.
وأنا الممدَّدُ فوق عشب قصائدي
الكلّ يبكي الفقدَ إذ أبكاني
.
وتجمعت حولي القصائدُ ها هنا
هذي اللحون بكاؤها أشجاني
.
قالت قصيدتي الأخيرة قولة
هزت بحور الشعر في أركاني
.
كنت المليكةُ حيث جُنَّ قصيدُهُ
صرت اليتيمة ... يا له من جاني!
.
حزنان، والطرقات تشربُ ليلَها
وصغيرتي نامت على فقداني
.
جاءت صباحًا كي تعانق قُبلتي
وقفتْ...تَلَوَّنَ وجهُها بالقاني
.
ثم استدارتْ وهي تُرسلُ صوتَها
بابا خرجتَ... ألا انتظرتَ ثواني؟!
.
الكل حاول أن يُهدئ روعَها
سألت لماذا قد بكى إخواني؟!
.
يا حزنُ رفقًا إن دمع صغيرتي
شيء يُفجِّر في المدى بركاني
.
وتجمعتْ كل الظّباء بأحرفي
وبكل شوقٍ قد ملأنَ دناني
.
قالتْ – وقد أرختْ دموعَ حضورِها –
هذا – ورب الشعرِ - قد أغواني
.
قد كان يشعل ليلَنا بقصيدِهِ
فنذوب رغم تكدّس الأحزانِ
.
مسحتْ دموعًا بللتْ كلماتِها
ضحكتْ وقالتْ: حرفُه أرداني!
.
وهناك حيث الياسمين مضرَّج
سألَتْ دموعُ الشامِ عن عنواني
.
وعلى امتداد الجرح ظِلّ قصائدي
من قدسنا يا مصرُ أو بغدانِ
.
قد كنتُ أزرعُ في الدروبِ تفاؤلي
وأمدّ غيم الصبح من إيماني
.
اليوم صرتُ إلى مصيريَ متعبًا
علِّي هناك أفوز بالرضوانِ

بحر الكامل