( قالوا تركت الشعر في الأزمات )


قَالُوا تَرَكْتَ الشِّعْرَ فِي الْازْمَاتِ
فَأَجَبْتُ هُبِي يَا حُرُوفِيَ هَاتِ

هَاتِ مِنْ الشِّعْرِ الْمُلَفَّحِ بِالْهَوَى
وَدَعِي قَصِيدِيَ يَسْتَعِيدُ دَوَاتِي

الْحِبْرُ كَيْفَ الْحِبْرُ يُنْصِتُ يَا تُرَى
وَأَنَا ُأكَفّنُ فِي الْحَشَا فَلَذَاتِي

وَالْبَيْتُ كَيْفَ الْبَيْتُ يَعْرِفُ بَسْمَتِي
وَطُقُوسُ حُزْنِيَ تَسْتَغِيثُ صِفَاتِي

وَأَمَامِيَ السَّطْرُ الْجَرِيحُ وَنَزْفُهُ
صَمْتٌ عَمِيقٌ غَائِرٌ فِي الذَّاتِ

يَا شِعْرُ حَسْبُكَ قَدْ سَئِمْتُ تَلَعْثُمِي
وَكَتَبْتُ حِينَ تَأَوَّهَتْ لَحَظَاتِي

أَحْبُو عَلَى رَمْلِ الْمَآتِمِ مُتْرَعًا
بِأَنِينِ أُمِّي وَاغْتِرَابِ بَنَاتِي

وَأَهِيمُ أَبْحَثُ فِي السَّمَاءِ عَنْ النَّدَى
فَيَتُوهُ قَلْبِي فِي غُيُومِ سُبَاتِي

يَا شِعْرُ وَيْحَكَ كَيْفَ تَصْمُتُ هَاهُنَا
وَالْحَرْفُ نَبْضٌ فِي مَدَى نَبَضَاتِي

أَصْبَأْتَ بَعْدَ الْعَهْدِ وَيْحَكَ إِنَّنِي
مَا زِلْتُ أَعْشَقُ جَامِحًا كَلِمَاتِي

يَا أَيَّا الشِّعْرُ الْمُعَرْبَدُ فِي دَمِي
قُلْ لِلْمُشَكِّكِ أَنَّ وَهَجَكَ ٱتِ

تَرْنُو إِلَى كَبِدِي فَتَأْخُذُ قِطْعَةً
وَتَصُوغُ مِنْ ذَاكَ الْفُؤَادِ سِمَاتِي

وَتَهُزُّ فِي جَوْفِي بَقِيَّةَ شَاعِرٍ
فَتَثُورُ فِي كل الْحَشَا أَبْيَاتِي

يَا شِعْرُ كَمْ فِي الْقَلْبِ شَوْقٌ لِلْحَمَى
وَكَمْ الْحَنِينُ مُعَتَّقُ الْٱيَاتِ

أَوَاهُ هَلْ نَسِيتَ حُرُوفَكَ قَرْيَتِي
وَالتِّينَ وَالزَّيْتُونَ فِي الطُّرُقَاتِ

وَالزَّعْتَرَ الْبَرِّيَّ عُنْوَانٌ هُنَا
فَكَأَنَّهُ فِي أَجْمَلِ الْجَنَاتِ

هَلَّا سَأَلْتَ الْقُدْسَ عَنْ أَهْلٍ لَنَا
وَعَرَجْتَ تَحْضُنُ بَاكِيًا عَمَّاتِي

بِاللَّهِ أِنْ أَدْرَكْتَ حَارَتَنَا فَقِفْ
وَانْثُرْ عَلَيْهَا بَاسِمًا قُبُلَاتِي

وَاسْأَلْ أَمَامَ الْبَيْتِ جَارَتَنَا فَهَلْ
أُمِّي هُنَاكَ وَحَوْلَهَا خَالَاتِي

وَهَلِ الْفَنَاءُ الْحُرُّ لَا زَالَتْ بِهِ
تِلْكَ الْحِجَارَةُ تَسْتَقِي عَبَرَاتِي

يَا شِعْرُ إِنْ غَرَبَتْ نَحْوَ الشَّطِّ فَا
خْشَعْ قُرْبَهُ وَتَأَمَّلْ الْمَوْجَاتِ

وَاتْرُكْ لِعَكَا بَعْضَ شَجْنِكَ إِنَّهَا
ذَاقَتْ هُنَاكَ عَجَائِبَ الْوَيْلَاتِ

وَاصْمِتْ بِحِيفَا ثُمَّ كَفْكِفْ دَمْعَهَا
وَاسْكُبْ عَلَيْهَا أَجْمَلَ النَّغَمَاتِ

وَانْظُرْ إِلَى صَفَدٍ وَسَطِّرْ حُسْنَهَا
كَالسِّحْرِ تَبْدُو فِي دُنَا النَّجَمَاتِ

وَانْزِلْ إِلَى يَافَا وَطَبِبْ جُرْحَهَا
وَامْدُدْ زُهُورَ الْعِشْقِ لِلطُّرُقَاتِ

وَاصْعَدْ إِلَى نَابُلْسَ حَيِّ أسُودَهَا
هَزَمُوا الْعَدُوَّ بِخَافِقِ الرَّايَاتِ

وأِذَا الْخَلِيلُ بَدَتْ أَمَامَكَ ضُمَّهَا
وَدَعِ الْكُرُومَ تَجُودُ بِالثَّمَرَاتِ

وَجَنِينَ يَا وَجَعَ الْقَصِيدِ أَمَّا لَهَا
بَعْضًا مِنْ الْأَحْضَانِ وَالْبَسَمَاتِ

انْزِلْ بِهَا يَا صَاحِ كَمْ شَهْمٌ بِهَا
وَالثُم وُرُودُ الْحَيِّ وَالشُّرُفَاتِ

يَا شِعْرُ إِنْ أَدْرَكَتْ غَزَّةُ قُلْ لَهَا
أَنَّ الدِّمَاءَ تُعَطِّرُ الْعَتَبَاتِ

وَالْمِسْكَ فَاحَ وَكَمْ تَعَتَّقَ بِالثُّرَى
وَالسَّاحُ طُهْرٌ زَاخِزُ الصَّلَوَاتِ

لِلَّهِ دَرُّ الصَّامِدِينَ وَصَبْرُهُمْ
دَحَرُوا الْعُدَاةَ بِوَابِلِ الطَّلَقَاتِ

يَا قَوْمِ هَلْ نَزَحَ الصِّغَارَ بِأَرْضِنَا
امْ أَنَّهُمْ قَدْ كُفِنُوا بِرَفَاتِ

مَاذَا أَقُولُ وَكُلُّ مَدْرَسَةٍ لَهُمْ
تَنْعَى الدَّفَاتِرَ فِي دِمَا الْكَلِمَاتِ

مَاذَا أَقُولُ وَكُلُّ أَشْلَاءٍ لَهُمْ
أَلَمٌ عَمِيقٌ فِي مَدَى النَّظَرَاتِ

مَاذَا أَقُولُ لِكُلِّ أُمٍّ قَدْ بَكَتْ
لَا شَيْءَ غَيْرَ تَكَسُّرِي وَوَفَاتِي

خَمْسُونَ أَلْفًا قَدْ أُبِيدُوا وَيْلَنَا
فَتَبَصَّرُوا فِي دَفْتَرِ السَّنَوَاتِ

أسْمَاؤُنَا كُتِبَتْ بِرُقْعَةِ عَارِنَا
وَالْحِبْرُ سَمٌّ خَالِصُ الْقَطَرَاتِ

تَاللَّهِ مَا بَقِيَتْ حُقُوقٌ فِي الدُّنَا
كَذِبٌ تَبْقَى بَائِنَ الْعَوْرَاتِ

يَا قَوْمِ أَيْنَ سُيُوفُكُمْ وَاحْسِرَتِي
هَلَّا انْتَفَظْتُمْ غِيْرَةً بِحَصَاةِ

يَا وَيْلَكُمْ وَاللَّحْمُ يُتْخِمُكُمْ هُنَا
وَهُنَاكَ يُطْعَمُ جُلُّهُمْ بِفُتَاتِ

يَا وَيْلَكُمْ وَالطِّفْلُ يُقْتَلُ جَهْرَةً
وَالشَّيْخُ يُرْمَى أِنْ مَضَى لِصَلَاةِ

يَا وَيْلَكُمْ وَالْجُبْنُ فِيكُمْ رَائِجٌ
سَأَصُبُّ فَوْقَ رُؤُوسِكُمْ لَعَنَاتِي

وَأسَيّرُ الْأَلْفَاظَ تَفْضَحُكُمْ هُنَا
وَهُنَاكَ تَطْبَعُ ذُلُّكُمْ خَطَوَاتِي

يَا أَيُّهَا الْأَحْرَارُ لَا عَاشَ الْخَنَا
وَتَقَدَّمُوا لَا تَأْبَهُوا بِغُزَاةِ

امْضَوْا إِلَى تِلْكَ الْمَدَافِعِ وَالْقَنَا
وَتَرَبَّصُوا بِمُنَافِقٍ وَجُنَاةٍ

فَالنَّصْرُ ٱتٍ يَا أَحِبَّةَ ٱتِ
النَّصْرُ ٱتٍ يَا أَحِبَّةَ ٱتِ

تمت بحمد الله
محمود صندوقة
51-10-202 عمان – الأردن