* مذكرات فلسطيني *
رامي .... في يوم ../../..الساعة العاشرة ليلا.
اليوم على الساعة الثالثة بعد الزوال ،كنت أبحث عن وثائق بدرج خزانة والدتي
،عندما وجدت صندوقا خشبيا ، يبدو من لونه أنه قديم جدا ،
ترى ما به؟
ترى هل تخفي هنا أمي رسائل والدي الغرامية؟
هل به صور؟ غريب ،لم أره من قبله
ما الذي تخفيه أمي هنا؟هكذا تسائلت في نفسي.
أغلقت الخزانة و عدت أدراجي و فكري منشغل بالصندوق،
حتى أنني خرجت من الغرفة دون أن أحقق ما دخلت لأجله.
لن أظل في فضولي،بل سأذهب لأمي لأسألها عن سر الصندوق،
ربما بها صور لوالدي الذي أشتاق إليه.
هاهي أمي تجلس في مكانها المعتاد قرب النافدة،
كانت تحب أن ترى حركة الشارع المتسارعة،
و تتفرج على غدوات الناس و روحاتهم،
فمند أن أصابها المرض ، و فقدت القدرة على المشي ،
لم نعد نجدها إلا قرب النافدة.
قبلت يديها و رأسها ، فنظرت إلي نظرة حانية و قالت لي:
:رضي الله عليك يا بني
و اجلستني بقربها و هي تنتظر ان اخبرها عن طلبي،
فهي تعرف أنني أريد شيئا بمجرد أن تتطلع في وجهي:
:نعم يا غالية ، دائما تكشفين نواياي من أول وهلة
إبتسمت و هي تترقب..
:أمي لقد وجدت صندوقا بخزانتك حين دخلت للبحث عن الوثائق،
فهلا قلت لي ما تخبئين بها؟
آه الصندوق.و جالت ببصرها في الغرفة كأنها تتبّع شيئا ما ،
و أردفت قائلة:
الصندوق به حجج ملكيتنا لبيتنا
نعم؟عن أي بيت تتكلمين؟
و هل لدينا بيت؟
مند وعيت على الدنيا و نحن نستاجر هاته الشقة، هل تمزحين؟
:لا يا بني. قالت :
:لا امزح ،حجج بيتنا هناك بوطننا و حجج البستان أيضا؟
:و لكنها لم تعد موجودة ؟ألم يحولها اليهود لمبان حديثة؟
:و لو يا بني ،تلك أرضنا و ملكنا،
و حجج البيت هي كل ما حمله جدك حين أخرجونا،
و كنت انتظر الوقت المناسب لاحدثك في أمر حجج و أعطيها لك.
لكنك يا ولدي كبرت من دون ان أشعر...
أخرجت مفتاحا صغيرا من حامل مفاتيح و أعطته لي،
و قالت لي
:إذهب و افتح الصندوق و اقرأ ما به، الله يرضى عليك.
تلقفت المفاتيح منها و قمت متجها بسرعة للغرفة وفتحت الصندوق،
أوراق صفراء ورقع و مفاتيح كبيرة، و ما هذا؟
ورقة مطوية تظهر من جوانبها قطعة قماش .
فتحت الورقة و ذهب بصري مباشرة لأسفلها حيث كتب : أبو رامي
إنها من والدي
ترقرقت عيني بالدموع و ارتجف قلبي ،
هذا خط أبي الحبيب .رفعت عيني لأقرا الرسالة كاملة :أما قطعة القماش فيبدو انها بقايا من آخر ما لبس أبي
بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي الغالية
سلام الله عليك و رحمته تعالى و بركاته
أسال الله العلي القدير ان تكوني و الاولاد و كل من عندك بخير.
أكتب لك و قلبي يرفرف شوقا للعودة ،
و لكن الوضع هنا غير مطمئن.
أم أولادي الغالية..
أشهد الله انني راض عنك و أنك كنت لي نعم الصاحبة و الحبيبة،
عانيت من غيابي المستمر ، و تحملت متاعب الحياة وحدك،
و لم تشتكي، بل كنت المثل في الجلد و الصبر.
ها انا الآن خلف القضبان أتخيل اولادنا و هم يكبرون،
فإن لم يكتب لنا اللقاء خلف القضبان ،
فاعلمي انني أوصيك بالأولاد خيرا ،
أرضعيهم حب الشهادة، أنشئيهم على حب الوطن
و اخبريهم أن أباهم مات في سبيل ان يحيووا بكرامة.
حفظكم الله ، رعاكم الله ،و إنا لله و إنا إليه راجعون.
المشتاق للجنة ...أبو رامي
من ثياب . رحمه الله تعالى و أسكنه جنان الخلد.