لم يكن ضباب الشتاء حائلا بين رؤيتك لما اعتمل في ثناياك من حدس قادك دون رحلة ذات صوارٍ توصلك إلى شاطئ ذهولي المقيم سرمدا بين بحار قلبك, وسهول أيامك قيد أنملة .
حتى وجدتني انتظرك دون كل أو ملل وستائر الزوال تمارس إيحائي بالتيه لأضيع في بوتقة إدبارك وإقبالك و(هي أشبه بمنطقة جمركية) حتى ظننت بأن الجهات الأربع استبدلت مواضعها, والقمر تنحى قسرا عن منازله, والشمس اعتصرت ذهب شظاياها خجلا من ظهورك بين ظهرانيها .
لم يكن صيف الماضي الساخن يذوّب جليد بعدك حينما قيل بأن ثقب الأوزون ذوّب القطبين, وأن منسوب البحر ازداد على زيادته ما يكفل بإغراق اليابسة المتقلصة من ذاكرتي بين فكي صراعات القوى المحتكرة لصنع القرار في القانون المفضي الى (إما الانصياع وإما الضياع) , لأني كنت انتظر قدوم سفينتك ولم أعبأ أبدا بخيارات العولمة ووحدة المعايير المتقزمة في دساتير الخوف والتخويف .
لم يكن الحاضر الغافي على جسر ورقي عائم على يم الرهبة يحد من رحلتي إليك حين قررت عبور شاطئ جنوبي إلى شاطئ شمالي دون تقدير المسافة واحتمال وقوع الخطورة .
كنت على يقين تام بأن العبير الذي يغفو بين أغلفة مؤلفاتك يبتكر نهضة الهيمنة العظمى لمفهوم الفرق بين مصطلح بحّار العربية والبحّار العربي .. وحدها قراءة حروفك في اليابسة لا تزحزح قناعتنا بأنك تصفحت تيارات البحار وانصاعت لك قمم الأمواج .
ولكن ..كنت على علم بأن بريطانيا ستتنازل ذات يوم عن احتكارها لقانون الملاحة ..وان الاستعمار الأوروبي سيعود بحلة جديدة تسمى منطقة اليورو و منطق الوحدة السياسة والاقتصاد والتخلي عن السيادة المحدودة على خطوط الخريطة لتطوي بساط الحياة لمن لا يقع تحت وصايتها وان أراد بلّ قدمه بالبحر وذلك اضعف الإيمان ..
يا بن ماجد ..ألا يكفيك تعذيبا لعروس البحر فإنها لا تقوى على الخروج من البحر بينما أنت تلوح بيد الوداع للإبحار القادم .