أُمُّ النَّشِيْد ...

مِنْ فَيْضِ حبِّكِ مَا بَدَا فِي ظَاهِرِي
والقَلبُ يُفصِحُ بالجَوارحِ ظَاهِرا

وَأَنَا الَّذِي رِيْحُ العَواصِفِ مَا حَنَتْ
مِنِّي جَوَاداً وَانتصبْتُ مُكَابِرا

فَأتَى رَبيعُكِ فِي رَقِيقِ نَسَائِمٍ
أَخَذَ الفُؤَادَ إِلى السَّماءِ مِنَ الثَّرَى

وَأَنَا الَّذَي خَمْرُ الكُؤوسِ أَنِفْتُهَا
وَرَأيتُ حُبَّكِ دُونَ خَمْرٍ مُسْكِرَا

وَأَنَا الَّذِي مَا شَدَّنِي بَدرُ الدُّجَى
لمَّا تَأَلًّقَ فِي سَمَائِي مُقْمِرَا

قَدْ شَدَّنِي بَدرُ الخُدودِ مُشَعْشِعَاً
أَسَرَ الجَوَى لَمَّا غَدَا مُتَسَتِّرَا

والعِطْرُ فَاحَ مِنَ الوُرودِ وَمَا لَهُ
لَمْ يَأسرِ القَلبَ المُتَيَّمَ مُبْهِرَا ؟؟؟

وَعُطُورُ حُسْنُكِ فِي سَوَادِ عَبَاءَةٍ
غَطَّى عَلى عَبَقِ الوُرودِ وَأَعْطَرَ

والطَّيرُ غَرَّدَ مُنشدَاً فِي زَهوِهِ
شَدْوَ الصَّباحِ مُنَغِّمَاً وَمُسَيْطِرَا

قَدْ فَاقَهُ لَحْنُ الكَلَامِ إِذَا جَرَى
بَينَ اللآليءِ نَابِعَا مُتَحَدِّرَا

تَغْرِيْدُكِ المَسْبُوكُ مِثلُ قِلَادَةٍ
أُمُّ النَشِيْدِ وَمَكَّةٌ أُمُّ القُرَى

طَافَ الحَجِيْجُ مُهَلِّلِيْنَ بِدَارِهَا
مَنْ زَارَهَا يَوْمَا أَعَادَ مُكَرِّرَا

مِنْ زَمْزَمٍ يَرْوونَ إِنْ عَطِشُوا وَمَنْ
يَرنُو إِلى المَحْبُوبِ فِي شَوقٍ سَرَى

وَأَنَا رَأيتُكِ لَمْ أَزَلْ مُتَعَطِّشَاً
وَالقَلبُ طَافَ مُسَبِّحَاً وَمُكَبِّرَا

يَا حُبِّيَ المَكْنُونُ فِي قَلبِي لَقَدْ
فَضَحَ الكَلَامُ مِنَ الصَّحَائِفِ دَفْتَرَا