خمسون عامًا والفؤاد يبوحُ يحدو به التلميحُ والتصريحُ
خمسون عامًا يا حفيفَ قصائدي والروحُ تغدو بالهوى وتروحُ
خمسون عامًا كنت أحسب وجهها جـاهًا تشاطرُ وجنتيه شروحُ
أو كنت أرمق في صميم ربيعها كأس الغرام يملني فتشيحُ
خمسون عامًا كم ظننتُ مراكبي تنـأى تعاني تستغيث تسيحُ
أو شئتَ فرط العاتيات من المدى ترمي المراسي والمغيب يلوحُ
أو أنَّني ما عاد يثملني الغِوى كلا ولا عقَّ الفؤادَ جنوحُ
أو أنها شدِهَ الخيالَ عديدُها لولا وقفتُ ببحرهنّ أصيحُ
الله ما تلك العيون ؟ تؤمني منها البلاغةُ هل لهنَّ وضوحُ
ما سرُّ أنظارِ الجمالِ سقينني من سحرهنَّ وقائعٌ و فتوحُ
راجعتُ فجري فـي شـروق صـباحهـنََ وللتفكّر فـي الضُّحـى تسبيــحُ
و طفقت أدفع بالبصيــرة نحوهنَّ و شدنــي نحو الشباب طموحُ
في صمتها المكبوت صرخة ثورةٍ ما كان يعجز ومضَها تسليحُ
و بها على مرِّ الحوادثِ وثبـــةٌ وتمردٌ في الحاجبين جموحُ
وَ على شواطــىء حزنها رغم التجلِّد بانُ مُرتبــعٍ بكاه الشيحُ
و همت بها يا أهلها فرط التبــلُدِ تحت أمـواج الدمــوع قــروحُ
و على خيوط الرمش قصة زهرةِ سكـرت على مسرى هواها الروحُ
فكأنها ممّا توارد حولها تهدي البرايا بهجة وتنوحُ
في عمق نظرتها عوالم دهشةٍ و جناسُ راويةٍ بكتْهُ الرّيحُ
فالوصف منها أو إليها عائدٌ والطرف كونٌ للبهاء فسيحُ
في خدّها احمرّتْ مواسمُ فتنةٍ فالود وادٍ ، والغرامُ سفوحُ
والشوقُ يخترق الوهاد وميضه والثغر ندٌّ للشموس صريحُ
النفس كالريحان فاح عبيرها في حضنها المعنى الصَّريح طريحُ
فالفكر في لغة الصَّفاء نشيده والقلبُ من نبض النَّقاء سموحُ
والحرف إما طال فاهًا غرَّدت قلبٌ لقلبٍ شاكرٌ و نصوحٌ
فاسَّابقت تتلو البهاءَ عرائسٌ وأتاك شدوٌ آسرٌ وصدوحُ
هيَ في لغات الريح أجمل نسمةٍ أبدًا يناغم ضوعها التوشيحُ
فكأنَّها عهد استقرّت منحةٌ و ندىً بعرف الورد حين تسيحُ
من ذا يؤول للنجوم مواجدًا يهوى الفضاء مدادُه المسفوحُ
من يبعث الملكات طهر مثوبةٍ أم من إذا تعب الكلام يريحُ
من ذا يصوغ الآه مثل شجونها فالسرُّ في سبلِ الهوى مفضوحُ
و تقارب الأمثال رهنُ لحونه روحٌ تغني كيف تطرب روحُ
أدركت أنَّ القلب يأبى أن تجـفَ شؤونـه والحال فيه مليحُ
كلا وتأبـــى أن تغور مدى البيان عيونه .. هذا الوريد نضوحُ
خمســون عامًــا ما ذوى فيها وقام تحبه الآمـال ، كيف يبوح
قلبٌ لـــه أصل الخلود مع الهيــام و لم تزل تبنى عليـه صروحُ