وكان موتُ سليمانَ عبرةً للورى
ليُعلِّمَ الناسَ أن الغيبَ عند الله وحده
فلا نبيٌّ يدري، لا مَلَكٌ، ولا جِنٌّ غوى
ظنوا علمهم غيبا، فخدموا نبيا هوى
فكانوا مستصغرين، أذلاء، لا حولَ ولا قوى


قال تعالى:
"وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ"
(الأنعام: 59)


لكنَّ الرسالة لا تنتهي عند نهايةِ نبي.
..




بعد موتِ سليمانَ، تفرّق القومُ كالنجوم،
كلٌّ في فلكٍ، ضالون ومهتدون
ضالونَ، تمرّدوا… لا دينَ، لا عقيدة
ومهتدونَ، أضاءوا الهياكلَ بالعبادة
عِمْرانُ، من خِيرتِهم، ذا تقًى وزهادة
وكان زكريّا نبيَّهم، كما جاء في القرآن
بُعث للقوم، لتوحيد الله والإيمان


أشرقت بشارة النبي زكريّا، كشمعةٍ تشقّ ظلام الليل، وترسم طريق الرشاد



زكريا


كان النبيُّ زكريّا داعيًا
للتوحيدِ والإيمانِ، بالقومِ ناهيًا
عن الضلالةِ، والشركِ، وللهدى ساعيـًا
وإذا مالوا، لربِّه شاكـيـًا


بين نورِ الهياكلِ، زكريا النبي، وعِمرانُ التقي


وكانتِ المعابدُ في القومِ نورًا
هياكلُ تعبُّدٍ، صلواتٌ وبخورًا
عِمرانُ من أحبارِها، صالحٌ وقور
وزوجتهُ النقيةُ، في بطنِها بذرةُ النور


حملٌ ونذرٌ قد أتى، وحكمةُ الرحمنِ أنثى


نذرت ما في بطنها لله، نذراً خالصاً
خدمةً للدين، تعبّداً وتقديساً
فحسبتهُ ذَكرًا… فكانت مريم بنتَ عِمران
واصطفاها الله، وذكرَ اسمَها في القرآن


قال تعالى:
"إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ ٱلْعَالَمِينَ"
(آل عمران: 42
)


أقلامٌ تقذفها أمواجُ النهر، وكفالةٌ بين أيدي القدر


ماتَ عمرانُ، الصالحُ الوقور
ومريمُ النذيرةُ، تتقاذفها الأقدارُ
فتنازعوا على كفالتها، رميا بالأقلامِ
تيارٌ يجري بها، بقدرة الله عالمُ الأسرارِفكانت لزكريا الكفالةُ، أشرفُ الأخيارِ



قال تعالى:
"وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ"
(آل عمران: 44)

"وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا"
(آل عمران: 37)


في رعاية نبيٍّ حليم، ورزقٍ من الله الكريم


نشأت مريم في كنف زكريّا
في بيت شرقي، طاهرٍ، نقيّا
كلّما دخل عليها زكريا المحراب
وجد عندها رزقًا من الله هنيّا

قال تعالى:
"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَـٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"
(آل عمران: 37)



رزق من عند الله مقدّر، آية لنبي تمعن فتدبّر



من يقين زكريا، في رزق مريم إعجاز
التوكل على الله إيمان، من طرقه فاز
فدعا ربه، ذرية لنسله إعزاز
تضرع خالص لله، سبيل الهدى والمفاز

قال تعالى:
"هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ"
(آل عمران: 38)



بشرى من السماء، والملائكة نداء

فخاطبتهُ الملائكةُ بنداءٍ من السماء
أنّ اللهَ استجابَ الدعاء، وأتى الرجاء
بُشّر بيحيى نبيٍّ طاهرِ السّمْتِ والضياء
أسماهُ ربُّ العرش، من لدنه، اسمًا بهيّا
فريدٌ بلا مثيل، من اصطفاءٍ رَبّانيّا
مولده مبارك، وسعيه نَبَوِيّا


قال تعالى:
"فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌۭ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًۭا بِكَلِمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًۭا وَحَصُورًۭا وَنَبِيًّۭا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ"
(آل عمران: 39)

بذرة من العقر، وآية صمت مع الذكر

وكان زكريّا شيخًا، مسّهُ الكِبَرُ
وزوجُهُ عاقر، ما أنبتتْ ثمرُ
فسألَ الرّحمنَ آيةً، تُجلـي الأثرُ
فكانت صمت ثلاث ليالٍ عن القوم،
عدا ذكر الله، والباقي صوم.
فخرجَ على قومِهِ، بالإشارةِ يعلّمْ
سبّحوا، واشكروا، ولأمرِ اللهِ قد عزم

قال تعالى :
)قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِّيٓ ءَايَةًۭ ۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَ لَيَالٍۢ سَوِيًّۭا ﴿١٠﴾ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِۦ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰٓ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا۟ بُكْرَةًۭ وَعَشِيًّۭا﴾
[سورة مريم، الآيتان 10-11]



سبحان من قال: كن فيكون


وعد الرحمن حق
فكان لزكريا يحيى، لما استحق
دعا، وتضرع، للرحمن أصدق
وسارع في الخير، وبالعبادة تصدق



قال تعالى:
"فَاسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَوَهَبْنَا لَهُۥ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُۥ زَوْجَهُۥ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ يُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًۭا وَرَهَبًۭا ۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِينَ"
(الأنبياء: 90)



فسطع من رحم المعجزة، نورٌ جديد… اسمه يحيى
.